{وَأَعْتَدَتْ}؛ أي: أحْضرَتْ وهيَّأتْ {لَهُنَّ مُتَّكَأً}؛ أي: ما يتكئنَ عليه من النمارق والوسائد وغيرها عند الطعام، والشراب، كعادة المترفهين، ولذلك نهي عن الأكل بالشمال أو متكأ.
وهذا إنْ (?) قُرِىءَ: مُتَّكَأً بالتشديد، فإن قرئ بالتخفيف مُتْكَأً، كان معناه: الأترج أو الزماورد بالضم، وهو طعام من البيض واللحم، معرب كما سيأتي في مبحث القراءة؛ لأنهم كانوا يتكئون على المسانيد عند الطعام، والشراب، والحديث. {وَآتَتْ}؛ أي: أعطَتْ {كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ}؛ أي: من تلك النسوة الحاضرات {سِكِّينًا} لأجل أكل الفاكهة واللحم؛ لأنهم كانوا لا يأكلون من اللحم إلا ما يقطعون بسكاكينهم، وكانت تِلْكَ السَّكَاكِين تسمَّى خناجرَ. {وَقَالَتِ}؛ أي: زليخا ليوسف وهنَّ مشغولات بإعمال الخناجر في الطعام {اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ}؛ أي: أبرز لهن، ومرَّ عليهن، فإنَّ يوسُفَ عليه السلام ما قَدر على مخالفتها خوفًا منها.
وحاصل المعنى: أي فلمَّا (?) سمعت مقالتَهن التي يردنَ بها إغضابَها حتى تريَهُنَّ يُوسُفَ إبداء لمعذرتها فيسألن ما يَبْغِينَ من رؤيته، وقد كان من المتوقع أن تَسْمَعَ ذلك لما اعتيدَ بَيْنَ الخَدم من التواصل والتزاور وهن ما قلنَه إلا لتَسمَعه، فإنْ لم يَتمَّ لهن ما أردن احتلن في إيصاله، وقد كان ما أرَدْنَ كما قال: {أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا}؛ أي: مَكَرت بهن كما مكرن بها، ودعتْهُنَّ إلى الطعام في دارها، وهيأت لهن ما يتكئنَ عليه من كراسي، وأرائكَ كما هو المعروفُ في بيوت العظماء. وكان ذلك في حجرة المائدة، وأعطت كلَّ واحدة منهن سكينًا، وخَنْجرًا، لِتَقْطَعَ بها ما تأكل من لحم وفاكهة. {وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ}؛ أي: وأمرته بالخروج عليهن.
وفي هذا إيماء إلى أنه كان في حجرة في داخل حجرة المائدة التي كنَّ فيها محجوبًا عنهن، وقد تَعَمَّدَتْ إتْمامًا للحيلَةِ والمكر بهن أن يفجأهُنَّ، وهن