ورُوِيَ عن ثابت البناني، وابن رجاء كسر العين المهملة. قال ابن زيد: الشَّغَفُ في الحُبِّ، والشَّعَفُ في البُغْضِ.
وقال الشعبي: الشغف والمشغوف بالغين المعجمة في الحبِّ، والشعف الجنُونُ، والمشعوف المجنون. وأدْغَمَ النحويان أبو عمرو، والكسائي، وحمزة، وهشام، وابن محيصن دَالَ (قَدْ) في شين (شَغَفَها). ثم زدنَ ذلكَ تأكيدًا بقولهن: {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}؛ أي: في خطأ بينٍ ظاهرٍ، حيث تركت ما يجب على أمثالها من العفافِ، والستر وأحبَّت فتاها؛ أي: إنا لنعلم أنها غَائِصَة في مَهَاوِي الضلالة البينة البعيدة عن طريق الهدى والرشاد. ولم يكن قولهن هذا إنكارًا للمنكر، ولا كرهًا للرذيلة، ولا نصرًا للفضيلة، بل قلنه مَكْرًا وحيلةً ليصل الحديث إليها، فيَحْمِلها ذلك على دعوتهن، والرؤية بأبصارهن، ما يكون فيه معذرة لها، فيما فعلتْ، وذلك منهن مَكْر ولا رأيٌ، وقد وصلنَ إلى ما أردْنَ. وهذه الجملة (?) مُقرِّرَة لمضمونِ ما قبلها.
والمعنى: {إِنَّا لَنَرَاهَا} أي: نَعْلَمُها في فعلها هذا، وهي المراودة لفتاها {فِي ضَلَالٍ} عن طريق الرشد والصواب، {مُبِين}؛ أي: واضح لا يلتبس على مَنْ نظَر فيه، وإنما لم يقلْنَ (?): إنها لفي ضلال مبينٍ إشعارًا بأنَّ ذلكَ الحكمَ غير صادر عنهن مجازفة بل عن علم، ورأي، مع التلويح بأنهن متنزهات عن أمثال ما هي عليه، ولذا ابْتَلاهن الله تعالى بما رَمَيْنَ به الغيرَ؛ لأنه ما عَيَّر واحد أخاه بذنب إلَّا ارتكبه قبْلَ أن يَمُوتَ.
31 - {فَلَمَّا سَمِعَتْ} امرأة العزيز {بِمَكْرِهِنَّ}؛ أي: باغتيابهن إياها، وسوءِ قولهن، وقولهن: امرأة العزيز عَشقَتْ عبدها الكِنعانِيَّ، وهو مَقَتَها. وسميت الغيبة مكرًا لاشتراكهما في الإخْفاءِ. {أَرْسَلَتْ} امرأة العزيز {إِلَيْهِنَّ}؛ أي: إلى نسوة المدينة تدعوهن للضيافة إكرامًا لهن، ومكرًا بهن، ولتُعْذَر في يوسف، لعلمِها أنهن إذا رأينَهُ دهشن وافتتنَّ به. قيل: دَعَتْ أربعين امرأةً، منهن الخَمْس المذكوراتُ.