أمرٍ مُفرطِ القُبح. وقيل: السوءُ الخيانة للعزيز في أهله، والفحشاء الزنا. وقيل: السوء الشهوة، والفحشاءُ المباشرة. وقيل: السوءُ الثناءُ القبيح، والأوْلَى الحمل على العموم فيدخُلُ فيه ما يدل عليه السياق دخولًا أوَّليًّا.
وفي هذه الجملة (?) آيةٌ بَيِّنَةٌ وحجة قاطعة على أنه لم يقع منه هَمٌّ بالمعصية، ولا توجُّهٌ إليها قط، وإلا لقِيلَ: لنصرفه عن السوء والفحشاء، وإنما توجَّه إليه ذلك من خارج، فصرفه تعالى عنه بما فيه من موجبات العفة، والعصمة كما في "الإرشاد". وجملة قوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} تعليل لما قبلها؛ أي: صَرَفنا عنه السوءَ والفحشاءَ؛ لأنَّ يُوسُفَ عليه السلام من جملة عِبَادِنا الذين أخْلَصناهم لطاعتنا، بأن عَصَمْنَاهُم مما هو قادح فيها.
وفي هذا دليل على أنَّ الشَّيطانَ لم يجد إلى إغوائه سبيلًا، ألا ترى إلى قوله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)} قال في "بحر العلوم". واعلم أنه تعالى شهد ببراءته من الذنب، ومَدَحه بأنه من المحسنين، وأنه من عباده المخلصين، فوَجَبَ على كل أحد أن لا يتوقَّفَ في نزاهته، وطهارة ذيله، وعِفَّته وتثبته في مواقع العثار.
قال الحسن: لم يَقُصَّ الله تعالى عليكم ما حكى من أخبار الأنبياء تعْييرًا لهم، لكن لئلا تَقنَطُوا من رحمته؛ لأنَّ الحُجَّةَ للأنبياء ألزم، فإذا قبلت توبتهم، كان قبولها من غيرهم أسْرَعَ.
وعدَمُ ذكر توبة يوسف دليلٌ على عدم معصيته؛ لأنه تعالى ما ذكر معصيةً عن الأنبياء، وإن صَغُرت إلا وذكر تَوبتَهم واستغفارَهم منها كآدم ونوح، وداود، وإبراهيم، وسليمان، عليهم السلام.
وقرأ الأعمش: {ليُصْرفَ} بياء الغيبة عائدًا على ربه. وقرأ العربيان: أبو عمرو، وابن عامر، وابن كثير: {المخلِصين} إذا كان فيه أن حيث وَقَع في القرآن بكسر اللام؛ أي: الذين أخلصوا دِينَهم، وعَمَلَهم لله تعالى. وقرأ باقي