هذا خُلاصةُ رأي نَقَله ابن جرير، وأيَّده الفَخْرَ الرازيُّ وأبو بكر الباقلاني.
وَيرَى غَيْرُهم من المفسرين أنَّ المعنى أنها همَّتْ بفعل الفاحشة، ولم يكن لها معارض، ولا ممانع، وهم هو بمثل ذلك، ولولا أنْ رأى برهان رَبّه لاقْتَرَفها. وقد فنده بعض العلماء لوجوه (?):
1 - أنَّ الهَمَّ لا يكون إلَّا بفعل للهام، والوقاع ليس من أفعال المرأة حتى تَهُمَّ به، وإنما نَصِيبُها منه قبولهْ مِمَّنْ يطلبه منها بتمكينه منه.
2 - أنَّ يوسف لم يطلب منها هذا الفعل حتى يسمَّى قبولها لطلبه، ورضاها بتمكينه همًّا لها، فالآيات قبل هذه وبعدها تبرئه من ذلك بل مِن وسائله ومقدماته.
3 - أنه لو وَقَعَ ذلك لوجب أن يقال: ولقد همَّ بها وهمَّتْ به؛ لأنَّ الهمَّ الأُولَى هو المقدم بالطبع، وهو الهم الحقيقيُّ، والهم الثاني متوقِّفٌ عليه.
4 - أنه قد عَلِم من هذه القصة أنَّ هذه المرأةَ كانت عازمة على ما طلبته طلبًا جازمًا، ومصرةً عليه، فلا يصح أن يُقَالَ: إنها همَّتْ به، إذ الهمُّ مقاربةُ الفعل المتردد فيه، بل الأنسبُ في معنى الهمِّ هو ما فسَّرْناه به أوَّلًا وذلك لإرادة تأديبه بالضَّرْبِ، انتهت.
والإشارة في قوله: {كَذَلِكَ} إلى الإراءة المدلول عليها بقوله: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} أو إلى التثبيت المفهوم من ذلك، وهذه الكاف مع مجرورها في محلِّ نصب بفعل محذوف، واللامُ في قوله: {لِنَصْرِفَ} متعلقة بذلك المحذوف، والتقدير: أَريناه مثلَ ذلك الإراءَةِ أو ثَبَّتْنَاه مثلَ ذلك التثبيت. {لِنَصْرِفَ عَنْهُ}؛ أي: عن يُوسُفَ وندفَع عنه {السُّوءَ}؛ أي (?): مقدمات الفاحشة من القبلة والنظر بشهوة {وَالْفَحْشَاءَ}؛ أي: الزنا. وقيل (?): السوء كل ما يَسُوؤُه، والفحشاء كل