أحدَ أظلمُ ممن افترى على الله كذبًا، وهم المفترون الذين نسبوا إلى الله سبحانَه وتعالى الولدَ، واتخذوا معه آلهةً وحرَّموا وحلَّلوا من غير شرع الله تعالى.
قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ ...} الآيات، مناسبتُها لِما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لما ذكر ما يَؤُول إليه الكفار من النار .. ذَكَرَ ما يَؤُول إليه المؤمنون من الجنة، والفريقان هنا: المؤمنُ والكافرُ، ولمَّا كان قدَّم ذِكرَ الكفار، وأَعْقبَ بذكر المؤمنينَ جاء التمثيلُ هنا مبتدأً بالكافر، فقال: {كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ}.
وعبارةُ المراغي هنا: مناسبتُها لما قبلها: أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لمَّا بيَّن فيما سبق أنَّ الناس فريقانِ: فريقٌ يريدُ الدنيا وزينتَها، وفريق على بَيِّنَةٍ من ربه .. أرْدفَ ذلك ببيانِ حالِ كلِّ من الفريقين في الدنيا، وما يكون عليه في الآخرة.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ...} الآيات، مناسبتُها لِمَا قبلها: أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لَمَّا ذَكَرَ (?) بَعثة النبيّ الكريم، وأثْبتَ بالبرهان أنه رسول من رب العالمين، وأنَّ القرآنَ وَحْيٌ من الرحمن الرحيم .. أرْدفَ ذلك بقصص الأنبياء قبله ليبينَ لقومه: أنَّ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ليس بدعًا من الرسل، وإنه إنما بُعِثَ بمثلِ ما بعث به مَن قبله من الدعوةِ إلى عبادة الله تعالى وحده، والإيمان بالبعث والجزاء، فحالُه معهم كحال مَنْ قبله من الرسل عليهم السلام، مع أقوامهم جملةً وتفصيلًا، كما قال: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77)}.
قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ ...} الآيات، مناسبتها لما قَبْلَها: أن الله سبحانه وتعالى لَمَّا ذَكَر مقالتَهم وطَعْنَهم في نوح عليه السلام بتلك الشُّبه السالفة .. قَفَّى على ذلك بدَحْضِ نوح عليه السلام لها، وردِّ شبهات أخرى، قد تكون صَدَرَتْ منهم، ولم يَحْكِها لعِلْمِها من الرد عليها، ورُبَّما لم