الوجود إلا اللهُ سبحانَه وتعالى، إذ من خصائص الإلَه أن يَعْلَمَ ما لا يعلمه غيره، وأن يُعْجِزَ مَن عداه عن مثلِ ما يقدر عليه، والاستفهام، في قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} للتوبيخ المضَمَّنِ للأمر؛ أي: فهل أنتم أيها المشركون بعد أن قامت عليكم الحجة، داخلون في الإِسلام الذي أدعوكم إليه، بهذا القرآن، مؤمنون بما فيه من عقائدَ، ووعد، ووعيد، وأحكام، وحِكم وآداب؛ أي: أسْلِمُوا، وأخْلِصُوا لله العبادةَ.

والخلاصة: أنه لم يَبْقَ لكم بَعْدَ أنْ دُحِضَتْ شبهتَكم، وانقطعَتْ مَعَاذِيركُم إلَّا جُحودَ العناد، وإعراض الاستكبار، والعاقل المنصِفُ لا يرضَى لنفسه بمِثْل هذا.

والمعنى (?): فإن لم يستجِب لكم آلهتكم، وسائرُ مَنْ إليه تجأرُونَ في مُلِمَّاتِكم إلى المعاونة، فاعلموا أنَّ القرآنَ خارج عن دائرة قدرة البشر، وأنه منزل من خالق القِوَى والقُدَرِ، واعلموا أيضًا أنَّ آلِهَتَكُم بمعزل عن رتبة الشركة في الألوهية، فهل أنتم داخلون في الإِسلام بعد قيام هذه الحجة القاطعة؟.

وقرأ زيد بن علي (?): {أنَّما نَزَّل} بفتح النون والزاي وتشديدها، ويحتملُ أن تكونَ {ما} مصدرية، أي: {أنَّ} التنزيلَ، ويحتمل أن تكونَ بمعنى الذي؛ أي: أن الذي نزَّله، وحذف الضمير المنصوب لوجود شرط جواز الحذف. فإن قلت: (?) قد تحدَّاهم بأن يأتوا بسورة مثله، فلم يقدروا على ذلك، وعجزوا عنه، فكيف قال: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ}، ومَنْ عجزَ عن سورة واحدة، فهُو عن العشرة أعْجَز؟

قلتُ: قد قال بعضهم: إن سورة هود نزلَتْ قبل سورة يونس، وأنه تحدَّاهم أوَّلًا بعشر سور، فلما عجزوا تحداهم بسورة يونس، وأنكر المُبرِّد هذا القول، وقال: إن سورةَ يُونُسَ نَزَلَتْ أوَّلًا. قالَ: ومعنى قولِه في سورة يونس: {فَأْتُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015