الكفار - من خروجهم إلى قتال المؤمنين بطرًا ورئاء الناس، ومن تزيين الشيطان لهم أعمالهم .. أردف ذلك بذكر أحوالهم حين موتهم، وبيان العذاب الذي يصل إليهم في ذلك الوقت.
قوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55)} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى لمَّا بين حال مشركي قريش في قتالهم له - صلى الله عليه وسلم - ببدر .. قفى على ذلك بذكر حال فريق آخر من الكفار الذين عادوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وقاتلوه، وهم اليهود الذين كانوا في بلاد الحجاز. قال سعيد بن جبير: نزلت هذه الآيات في ستة وهط من اليهود، منهم: ابن تابوت. وقال مجاهد: نزلت في يهود المدينة، وكان زعيمهم الطاغوت كعب بن الأشرف، وهو فيهم كأبي جهل في مشركي مكة. ثم ذكر سبحانه ما يجب أن يعمل مع أمثالهم من الخونة، وبين أن الرسول آمن من عاقبة كيدهم ومكرهم.
قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (?) بين فيما سلف أن اليهود الذين عقدوا العهود مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبها أمنهم على أنفسهم وأموالهم ودينهم، قد خانوه ونقضوا العهود وساعدوا عليه أعداءه المشركين الذين أخرجوه من دياره ووطنه، وتبعوه إلى مهجره يقاتلون فيه لأجل دينهم، وبذلك صاروا هم والمشركون سواء .. أردف ذلك ذكر ما يجب على المؤمنين في معاملتهم أثناء الحرب، التي أصبحت لا مناص منها بما أحدثوه من الخيانة والغدر والبداءة بالعدوان، وذلك سنة من سنن الاجتماع البشري؛ إذ حصول الصراع بين الحق والباطل، والقوة والضعف أمرٌ لا مندوحة منه.
وقال أبو حيان (?): مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه لما اتفق في قصة بدر أن قصدوا الكفار بلا تكميل آلةٍ ولا عدةٍ، وأمره تعالى بالتشريد وبنبذ العهد للناقضين .. كان ذلك سببًا للأخذ في قتاله والتمالؤ عليه، فأمره تعالى والمؤمنين