الأوس والخزرج {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}؛ أي: شك وارتياب في الدين، وهم قوم من قريش، أسلموا ولم يقول إسلامهم في قلوبهم ولم يهاجروا، منهم: عتبة بن ربيعة، وقيس بن الوليد، وأبو قيس الفاكه، والحارث بن زمعة، وعديُّ بن أمية، والعاص بن منبه، فلما خرج كفار قريش إلى حرب رسول - صلى الله عليه وسلم - .. خرجوا معهم إلى بدر، فلمَّا نظروا إلى قلة المسلمين .. ارتابوا وارتدوا، وقالوا: {غَرَّ هَؤُلَاءِ} المؤمنين {دِينُهُمْ}؛ أي: توحيدهم، حين أقدموا على ما أقدموا عليه من الخروج لحرب قريش مع قلة عددهم وكثرة عدوهم، توهمًا منهم أنهم ينصرون عليهم؛ أي: اغتروا بدينهم، فأدخلوا أنفسهم فيما لا طاقة لهم به، حيث خرجو وهم ثلاث مئة وبضعة عشر إلى زهاء ألف، ظنًّا منهم أنهم على الحق، ينصرون ولا يغلبون، فأولئك المرضى الذين خرجوا مع قريش كلهم قتلوا في بدر مع المشركين، ولم يذكر أن أحدًا من المنافقين خرج إلى بدر مع المسلمين.

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}؛ أي: ومن يسلم أمره إلى الله ويثق بفضله ويعول على إحسانه .. {فَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى حافظه وناصره؛ لأنه {عَزِيزٌ}؛ أي: غالب لا يغلبه شيء، فيسلط القليل الضعيف على الكثير القوي {حَكِيمٌ} فيما قضى وحكم، لا يسوي بين أوليائه وأعدائه، فيوصل الثواب إلى أوليائه، والعقاب إلى أعدائه.

وهذا الكلام يتضمَّن الرد على من قال (?): {غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} فكأنه قيل: هؤلاء في لقاء عدوهم هم متوكلون على الله، فهم الغالبون ومن يتوكل على الله .. ينصره ويعزه؛ فإن الله عزيز لا يغالب بقوة ولا بكثرة، حكيمٌ يضع الأشياء مواضعها، أو حاكم بنصره من يتوكل عليه، فيديل القليل على الكثير.

والمعنى (?): أي ومن يكل أمره إلى الله ويؤمن إيمان اطمئنان بأنه ناصره ومعينه، وأنه لا يعجزه شيء، ولا يمتنع عليه شيء أراده .. يكفه ما يهمه وينصره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015