وتعالى عباده أن يسألوه النصر على العدو عند اللقاء.
والخلاصة: أنكم إذا لقيتم (?) أعداءكم الكفار .. فاثبتوا لهم، ولا تفروا أمامهم؛ فإن الثبات قوة معنوية طالما كان هو السبب في النصر والغلب بين الأفراد والجيوش.
انظر إلى الرجلين الجلدين يتصارعان، فيعيا كل منهما وتضعف قوته، ويتوقع كل لحظة أن يقع صريعًا، ولكن قد يخطر له أن خصمه ربما وقع قبله فيثبت إلى اللحظة الأخيرة، فيكون له الفَلْجُ والفوز على خصمه، وهكذا في الحروب، فإن من أهم أسباب النصر فيها: الثبات وعدم اليأس، بل الثبات نافع في كل أعمال البشر، فهو الوسيلة في الفوز والنجاح فيها.
وأكثروا من ذكر الله تعالى في أثناء القتال بقلوبكم: بذكر قدرته ووعده بنصر رسله والمؤمنين، ونصر كل من يتبع سنتهم بنصر دينه وإقامة سننه، وبأن النصر بيده ومن عنده، يؤتيه من يشاء، وبألسنتكم: بالتكبير والتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، وبالدعاء على الأعداء بنحو قولكم: اللهم أخذلهم واقطع دابرهم واجعل الدائرة عليهم، والتضرع إليه مع اليقين بأنه لا يعجزه شيء.
وفي ذلك إيماءٌ إلى أنه يجب على العبد أن لا يفتر عن ذكر الله تعالى، أكثر ما يكون همَّا وأشغل ما يكون قلبًا، وأن تكون نفسه مجتمعة لذلك، وإن كانت متوزعة عن غيره.
{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ أي: لكي تظفروا بمرادكم من النصرة والمثوبة؛ فإن الثبات وذكر الله تعالى هما وسيلتان من وسائل الفوز في القتال في الدنيا، وفي نيل الثواب في الآخرة.
فإن قلت (?): ظاهر الآية يوجب الثبات على كل حال، وذلك يوهم أنها ناسخة لآية التحرف والتحيز؟