قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ ...} مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنّ الله سبحانه وتعالى لما أمر عباده المؤمنين بما أمر به من جلائل الصفات، ومحاسن الآداب التي تكون سبب الظفر في القتال، ونهاهم عن التنازع .. قفى على ذلك بنهيهم عما كان عليه مشركو قريش حين خرجوا لحماية العير، من البطر والكبرياء، والصد عن سبيل الله تعالى.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (?) ابن جرير عن محمَّد بن كعب القرظي قال: لما خرجت قريش من مكة إلى بدر .. خرجوا بالقيان - جمع قينة: المرأة المغنية - والدفوف فأنزل الله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا} الآية.

قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ ..} الآية، سبب نزولها (?): ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" بسندٍ ضعيف عن أبي هريرة قال: لما أنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - بمكة: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} .. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، أيُّ جمع؟ وذلك قبل بدر، فلما كان يوم بدر وانهزمت قريشٌ .. نظرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم مصلتًا بالسيف يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} فكانت ليوم بدر، فأنزل فيهم {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ} الآية، وأنزل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا}، ورماهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوسعتهم الرمية، وملأت أعينهم وأفواهم، حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذي عينه وفاه، فأنزل الله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، وأنزل في إبليس: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ}، وقال عتبة بن ربيعة وناس معه من المشركين يوم بدر: غَرَّ هؤلاء دينهم، فأنزل الله: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015