الكفار المذكورين سابقا من أسلم، وحسن إسلامه، كالعباس بن عبد المطلب {إِلى جَهَنَّمَ} لا إلى غيرها {يُحْشَرُونَ}؛ أي: يساقون يوم القيامة فيكون لهم شقاء الدارين وعذابهما.
وقد كان (?) للمسلمين في هذه الآية عبرة وعظة فلينفقوا أموالهم في سبيل الله كما أنفق أسلافهم فيها، لأن لهم بها سعادة الدارين، والكفار في هذا العصر ينفقون الكثير من الأموال للصد عن الإسلام، وفتنة الضعفاء من العامة بالدعوة إلى دينهم، وتعليم أولاد المسلمين في مدارسهم، ومعالجة رجالهم ونسائهم في مستشفياتهم إلى نحو ذلك من الوسائل الناجعة في نشر دينهم، وفتنة المسلمين عن دينهم، وهم لا يبالون ماذا يفعلون، ألا ساء ما يعملون.
37 - ثم بين سبحانه العلة التي لأجلها كانت الحسرة عليهم والحشر إلى جهنم، فقال: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ} وقرأ حمزة (?) والكسائي، ويعقوب، ليميز بضم الياء الأولى وفتح الميم وتشديد الياء الثانية المكسورة من التمييز، وهو أبلغ من الميز، وقرأ الباقون بالتخفيف من ماز يميز كباع يبيع، واللام متعلقة بـ {يُحْشَرُونَ} أو بـ {يُغْلَبُونَ}؛ أي: يحشرون إلى جهنم ليميز الله سبحانه وتعالى،
ويفصل الفريق الخبيث من الكفار {مِنَ} الفريق {الطَّيِّبِ} من المؤمنين {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ}؛ أي: ويجعل الفريق الخبيث {بَعْضَهُ} منضما متراكبا {عَلى بَعْضٍ} آخر {فَيَرْكُمَهُ}؛ أي: فيجمعه {جَمِيعًا} ويضم بعضه إلى بعض، حتى يتراكم ويركب بعضه بعضا، لفرط ازدحامهم، يقال: ركم الشيء يركمه إذا جمعه، وألقى بعضه على بعض، {فَيَجْعَلَهُ} أي: يطرحه {فِي جَهَنَّمَ}؛ وقيل: المعنى يضم الله تعالى تلك الأموال الخبيثة بعضها إلى بعض، فيلقيها في جهنم، ويعذبهم بها {أُولئِكَ} الفريق الذين كفروا، وخبثوا اعتقادا وأعمالا {هُمُ الْخاسِرُونَ} في الدنيا والآخرة، لأنهم اشتروا بأعمالهم عقاب الآخرة.