التربة، ولا دفع الجوائح عنه.
وأن الثاني من فعله تعالى وحده، بدون كسب عادي للنبي صلى الله عليه وسلّم في تأثيره فالرمي منه كان صوريا لتظهر الآية على يده صلى الله عليه وسلّم، فما مثله في ذلك إلا مثل أخيه موسى عليه السلام، في إلقائه العصا {فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى}.
والواو في قوله: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا}؛ أي: ولينعم على المؤمنين إنعاما جميلا عاطفة (?) لما بعدها على علة مقدرة قبلها؛ أي: ولكن الله رمى ليمحق الكافرين، وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا بالنصر والغنيمة، وحسن السمعة {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {سَمِيعٌ} لدعائهم {عَلِيمٌ} بأحوالهم، والبلاء هنا بمعنى النعمة، والمعنى: فعل الله تعالى ما ذكر لإقامته حجته وتأييد رسوله، وليبلى المؤمنين منه بلاء حسنا، إنه تعالى سميع لما كان من استغاثة الرسول والمؤمنين ربهم، ودعائهم إياه وحده ولكل نداء وكلام، عليم بنياتهم الباعثة عليه، والعواقب التي تترتب عليه.
18 - وقوله: {ذلِكُمْ} مبتدأ خبره محذوف، والمصدر المؤول من قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ}؛ أي: مضعف مكرهم لرسوله وللمؤمنين، ومحاولتهم القضاء على دعوة التوحيد، والإصلاح قبل أن يقوى أمرها وتشتد، معطوف عليه، والتقدير (?) ذلكم الإبلاء والإنعام للمؤمنين بالنصر والغنيمة حق، وتوهين كيد الكافرين بالهزيمة حق.
وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، {موهن} بفتح الواو، وتشديد الهاء، والتنوين فـ {كَيْدِ} منصوب على المفعولية من وهن، والتعدية بالتضعيف بما عينه حرف حلق غير الهمزة قليل، نحو ضعفت، ووهنت، وبابه أن يعدى بالهمزة نحو أذهلته، وأوهنته، وألحمته، وقرأ باقي السبعة والحسن، وأبو رجاء، والأعمش، وابن محيصن بسكون الواو وتخفيف الهاء من أوهن، كأكرم منونا، وأضافه حفص إلى كيد.