وقرأ حمزة والكسائي: {من يكون} - بالتحتية - وقرأ الباقون {تَكُونُ} بالفوقية. قال صاحب «الكشاف»: {اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ} تحتمل وجهين: اعلموا على تمكنكم من أمركم وأقصى استطاعتكم وإمكانكم، أو اعملوا على جهتكم وحالكم التي أنتم عليها، يقال للرجل: إذا أمر أن يثبت على حال: على مكانك يا فلان؛ أي: اثبت على ما أنت عليه لا تنحرف عنه إني عامل على مكانتي التي أنا عليها، والمعنى اثبتوا على كفركم وعداوتكم، فإني ثابت على الإسلام وعلى مصابرتكم، فسوف تعلمون أينا تكون له العاقبة المحمودة، انتهى.
والضمير في قوله: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} للشأن؛ أي: إن الشأن لا يفوز من اتصف بصفة الظلم، وهو تعريض لهم بعدم فلاحهم؛ لكونهم المتصفين بالظلم، أي: لا يفوزون بفلاح لا في الدنيا، ولا في الآخرة، وإنما يفوز به أهل الحق والعدل الذين يؤدون حقوق الله وحقوق أنفسهم، ولا يكمل مثل هذا إلا لرسل الله وحزبهم المفلحين من المؤمنين، انظر كيف نصر الله رسوله على الظالمين من قومه كأكابر مجرمي مكة المستهزئين به، ثم من سائر مشركي العرب، ثم نصر أصحابه على أعظم أمم الأرض وأقواها جندا كالرومان والفرس، ثم نصر من بعدهم على من ناوأهم من أهل الشرق والغرب، فلما ظلموا أنفسهم وظلموا الناس .. لم تبق لهم ميزة عن غيرهم تمكنهم من الفلاح والفوز، وانحصر الفوز في الأسباب المادية والأسباب المعنوية كالصبر والثبات والعدل والنظام، ولا عجب بعد هذا أن يتغلب عليهم غيرهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى إنما وعدهم نصره إذا هم نصروه وأقاموا شرعه وسلكوا سبيل الحق والعدل كما قال تعالى: {فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ}.
الإعراب
{أَوَمَنْ كانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (122)}.
{أَوَ} (الهمزة): داخلة على محذوف تقديره أأنتم مثلهم، و {الواو}: عاطفة ما بعدها على ذلك المحذوف. {مَنْ}: اسم موصول في محل الرفع