تعنه، ومن الذي توكل عليك فلم تكفه، يا غوثاه يا غوثاه يا غوثاه بك أستغيث أغثني يا مغيث واهدني هداية من عندك، واقض حوائجنا، واشف مرضانا، واقض ديوننا، واغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا بحق القرآن العظيم والرسول الكريم برحمتك يا أرحم الراحمين».
ثم أوعدهم وبين سوء عاقبتهم لحرمانهم من الاستعداد للإيمان فقال: {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا}؛ أي: سيصيب الذين أشركوا بقولهم: لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله ومكروا بك {صَغارٌ}؛ أي: ذل وهوان وحقارة في الدنيا {عِنْدَ اللَّهِ}؛ أي: ثابت لهم في حكم الله تعالى بالقتل والأسر {وَعَذابٌ شَدِيدٌ} بالنار في الآخرة {بِما كانُوا يَمْكُرُونَ}؛ أي: بسبب مكرهم بقولهم ذلك، وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وتكذيبهم له وطلبهم ما لا يستحقون.
وقال اسماعيل الضرير (?): في الكلام تقديم وتأخير؛ أي: صغار وعذاب شديد عند الله في الآخرة انتهى. أي: سيصيب (?) المجرمين الماكرين الذين قد قضت سنة الله أن يكونوا زعماء في كل شعب دب فيه الفساد عذاب شديد مكان ما تمنوه وعلقوا به آمالهم من عز النبوة وشرف الرسالة. ومعنى كونه من عند الله: أنه مما اقتضاه حكمه وعدله وسبق به تقديره، فإن ما هو ثابت عند الله في حكمه التكويني الذي دبر به نظام الخلق وحكمه الشرعي التكليفي الذي أقام به العدل والحق .. يقال: إنه من عند الله، ويكون هذا جزاء لهم على استكبارهم عن الحق في دار الدنيا كما قال تعالى: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (26)}.
وعذاب الأمم في الدنيا بذنوبها مطرد، وعذاب الأفراد لا يطرد، وإن كانوا من المجرمين الماكرين، وقد عذب الله في الدنيا أكابر مجرمي أهل مكة الذين