لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حكى عن الجن والإنس أن بعضهم يتولى بعضا .. أردف ذلك ببيان أن ذلك يحدث بتقديره سبحانه وتعالى وقضائه.
قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ...} الآية. مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما كان الكلام في الآيات السالفة في تقرير حجة الله على المكلفين الذين بلغتهم الدعوة، فجحدوا بها، وأنهم يشهدون على أنفسهم يوم القيامة أنهم كانوا كافرين، وأن سنة الله في إهلاك الأمم في الدنيا بجنايتها على أنفسها لا بظلم منه تعالى .. ذكر هنا وعيد الآخرة، وأنه مرتب على أعمال المكلفين لا بظلم منه سبحانه وتعالى، ولا لحاجة له تعالى إليه، لأنه غني عن العالمين، بل لأنه مقتضى الحق والعدل المقرونين بالرحمة والفضل.
أسباب النزول
قوله تعالى: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْناهُ ...} الآية، سبب نزولها على القول بأنها في أبي جهل وحمزة: أن أبا جهل رمى (?) النبي صلى الله عليه وسلم بفرث، فأخبر حمزة بما فعل أبو جهل، وكان حمزة قد رجع من صيد وبيده قوس، وحمزة لم يكن إذ ذاك، فأقبل حمزة غضبان حتى علا أبا جهل، وجعل يضربه بالقوى، وجعل أبو جهل يتضرع إلى حمزة ويقول: يا أبا يعلى ألا ترى ما جاء به، سفه عقولنا، وسب آلهتنا، وخالف آباءنا! فقال حمزة: ومن أسفه منكم عقولا؟
تعبدون الحجارة من دون الله! أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم حمزة يومئذ، فنزلت هذه الآية. والقول الثاني؛ وهو قول الحسن في آخرين: أن هذه الآية عامة في حق كل مؤمن وكافر، وهذا هو الصحيح؛ لأن المعنى إذا كان حاصلا في الكل دخل فيه كل أحد.
وأخرج ابن المنذر (?)، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم في الآية قال: نزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل بن هشام كانا ميتين في