أن أكثر أهل الأرض ضالون متبعون للظن والحدس، وأن كثيرا منهم يضلون غيرهم بأهوائهم بغير علم، وأن الشياطين منهم العاشين عن أمر ربهم يوحون إلى أوليائهم ما يجادلون به المؤمنين ليضروهم ويحملوهم على اقتراف الآثام، ويحملوهم أيضا على الشرك بالله بالذبح لغيره، والتوسل به إليه وهو عبادة له .. ضرب هنا مثلا يستبين به الفرق بين المؤمنين المهتدين للاقتداء بهم، والكافرين الضالين للتنفير من طاعتهم والحذر من غوايتهم، مع ذكر السبب في استحسان الكافرين لأعمالهم؛ وهو تزيين الشيطان لهم ما يعملون، ومن ثم انغمسوا في ظلمات لا خلاص لهم منها، وأصبحوا في حيرة وتردد على الدوام.
قوله تعالى: {وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (?) في الآيات السابقة أن سنته في البشر قضت بأن يكون في كل شعب أو أمة زعماء مجرمون يمكرون بالرسل وبدعاة الإصلاح، ويقاومون دعوتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .. ذكر هنا أن هذه السنة تنطبق أشد الانطباق على مجرمي أهل مكة الذين تعنتوا أشد التعنت فيما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات، ثم ذكر بعد هذا سنة الله في المستعدين للإيمان، وغير المستعدين مع ظهور الحق في نفسه.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يا مَعْشَرَ الْجِنِّ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (?) ما أعده من العذاب للمجرمين، وما أعده من الثواب والنعيم في دار السلام للمؤمنين إثر بيان أحوالهم وأعمالهم التي استحق بها كل منهما جزاءه .. أردف ذلك بذكر ما يكون قبل هذا الجزاء من الحشر وبعض ما يكون في يومه من الحساب، وإقامة الحجة على الكفار
وسنة الله في إهلاك الأمم.
قوله تعالى: {وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ...} الآية، مناسبة هذه الآية