{وَإِنَّ كَثِيرًا} من الذين يجادلونكم في أكل الميتة ويحتجون عليكم في ذلك بقولهم: أتأكلون ما تذبحون ولا تأكلون ما يذبحه الله تعالى؟ {لَيُضِلُّونَ} أنفسهم وأتباعهم {بِأَهْوائِهِمْ} الزائفة وشهواتهم الفاسدة جهلا {بِغَيْرِ عِلْمٍ} منهم بصحة ما يقولون، ولا برهان على ما فيه، يجادلون اعتداء وخلافا لأمر الله تعالى ونهيه، وطاعة للشياطين كعمرو بن لحي فمن دونه؛ لأنه أول من بحر البحائر، وسيب السوائب، وأباح الميتة، وغيّر دين إبراهيم - عليه السلام -.
تتمة:
وأصل (?) عبادة الأوثان أنه كان في القوم الذين أرسل إليهم نوح - عليه السلام - رجال صالحون، فلما ماتوا وضعوا لهم أنصابا ليتذكروهم بها ويقتدوا بهم، ثم صاروا يكرمونها لأجلهم، ثم خلف من بعدهم خلف جهلوا حكمة وضعها، لكنهم حفظوا تكريمها والتبرك بها تدينا وتوسلا إلى الله، فكان ذلك عبادة لها.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (?): {لَيُضِلُّونَ} - بفتح الياء هنا - وفي يونس: {رَبَّنا لِيُضِلُّوا} وفي إبراهيم: {أَنْدادًا لِيُضِلُّوا}، وفي الحج: {ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ}، وفي لقمان: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، وفي الزمر: {أَنْدادًا لِيُضِلَّ} وضمها الكوفوين في الستة، ووافقهم الصاحبان نافع وابن عامر إلا في يونس وهنا ففتح.
{إِنَّ رَبَّكَ} يا محمد الذي أرشدك وهداك {هُوَ} سبحانه وتعالى {أَعْلَمُ} منك ومن سائر خلقه {بِالْمُعْتَدِينَ}؛ أي: بالمجاوزين الحد في التحليل والتحريم الذين يتجاوزون ما أحله الله إلى ما حرمه عليهم، أو يتجاوزون حد الضرورة عند وقوعها، وفي هذا من التهديد والتخويف ما لا يخفى. وفي الآية إيماء إلى تحريم القول في الدين بالتقليد؛ لأن ذلك من اتباع الأهواء بغير علم؛ إذ المقلد غير عالم بما قلد فيه.
120 - ثم أمرهم الله سبحانه وتعالى أن يتركوا ظاهر الإثم وباطنه،