كلامه تعالى يقتضي عدم قبول النقص والتغيير، قال: {لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ} انتهى.
وفي حرف أبي: {لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ}.
ومعنى الآية: وتمت (?) كلمة ربك فيما وعدك به من نصرك، وأوعد به المستهزئين بالقرآن من الخذلان والهلاك، كما تمت في الرسل وأعدائهم من قبلك كما قال تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (173)} وتمامها صدقا هو حصولها على الوجه الذي أخبر به، وتمامها عدلا باعتبار أنها جزاء للكافرين المعاندين للحق بما يستحقون، وللمؤمنين بما يستحقون أيضا، وقد يزادون على ذلك فضلا من الله ورحمة، والمراد بالخبر لازمه، وهو تأكيد ما تضمنته الآيات من تسلية النبي صلى الله عليه وسلم على كفر هؤلاء المعاندين وإيذائهم له ولأصحابه، وإيئاس للطامعين من المسلمين في إيمانهم حين إيتائهم الآيات المقترحة.
وخلاصة المعنى: كما أنّ سنتي قد مضت بأن يكون للرسل أعداء من شياطين الإنس والجن .. تمت كلمتي بنصر المسلمين وخذلان الأعداء المفسدين {لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ}؛ أي: إن كلمة الله في نصرك وخذلان أعدائك قد تمت وأصبحت واقعة نافذة حتما لا مرد لها؛ لأن كلمات الله لا مبدل لها، ولا يستطيع أحد من خلقه أن يزيلها بكلمات أخرى تخالفها، وتمنع صدقها على من وردت فيهم، كأن يجعل الوعد وعيدا، أو الوعيد وعدا، أو يصرفهما عن الموعود بالثواب أو المتوعّد بالعقاب إلى غيرهما، أو يحول دون وقوعهما.
والخلاصة: أنه لا مغير لما أخبر عنه من خبر أنه كائن، فيبطل مجيؤه، وكونه على ما أخبر جلّ شأنه {وَهُوَ} سبحانه وتعالى {السَّمِيعُ} لتلك الأقوال الخادعة عنه {الْعَلِيمُ} بما في قلوبهم من المقاصد والمكايد، والنيات، وبما يقترفون من الذنوب والسيئات، فيجازيهم عليها، أو المعنى: السميع لتضرع أوليائه ولقول أعدائه، العليم بما في قلوب الفريقين.
116 - {وَإِنْ تُطِعْ}؛ أي: وإن توافق يا محمد {أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: