فأغراه بالمؤمن ليفتنه. وقال قتادة: إن من الجن شياطين، وإن من الإنس شياطين. وقال مالك بن دينار: إن شيطان الإنس أشد عليّ من شيطان الجن؛ لأني إذا تعوذت من ذاك ذهب عني، وهذا يجرني إلى المعاصي عيانا، ذكره ابن الجوزي. وقال ابن عباس: الجن هم أولاد الجان، وليسوا شياطين، والشياطين ولد إبليس، وهم لا يموتون إلا مع إبليس، والجن يموتون، فمنهم المؤمن ومنهم الكافر. وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال: الكهنة هم شياطين الإنس انتهى من «الشوكاني». {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ} يا محمد إيمانهم، أو عدم تزيين الشياطين زخرف القول {ما فَعَلُوهُ}؛ أي: ما فعل الكفار معاداتك ومعاداة الأنبياء قبلك، أو ما فعل الشياطين إيحاء زخرف القول غرورا. وقال أبو حيان (?)؛ أي: ما فعلوا العداوة أو الوحي أو الزخرف، أو القول أو الغرور أوجه ذكروها انتهى.

{فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ} عليك وعلى الله، فإن الله تعالى يجزيهم وينصرك ويخزيهم و {ما}: إما مصدرية، والتقدير: اتركهم وافتراءهم عليك وعلى الله وإما موصولة؛ أي: اتركهم والذي يفترونه، يعني (?): فخلهم يا محمد وما زين لهم إبليس وغرهم به من الكفر والمعاصي، فإني من ورائهم. وعبارة المراح: أي اترك يا محمد هؤلاء الكفرة المستهزئين وافتراءهم بأنواع المكايد، فإن لهم في ذلك عقوبات شديدة ولك عواقب حميدة. قال ابن الجوزي؛ أي (?): فذر المشركين وما يخاصمونك به مما يوحي إليهم أولياؤهم وما يختلقون من كذب، وهذا القدر من هذه الآية منسوخ بآية السيف، انتهى. وهذا الأمر للتهديد للكفار كقوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)}.

وعبارة «المراغي» هنا: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}؛ أي (?): يلقي بعضهم إلى بعض القول المموه الذي به يظنون أنهم يسترون قبيح باطلهم، ويؤدونه بطرق خفية لا يفطن إلى باطلها كل أحد حتى يغروا غيرهم ويخدعوه، ويميلوه إلى ما يريدون. وأول مثل لهذا الغرور ما وسوس به الشيطان للإنسان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015