المعنى: اتركهم في الحال لا على الدوام، فيكون غير منسوخ.
وحاصل معنى الآية: أي (?) اتبع ما أوحي إليك لتزكي نفسك، وتكون إمامًا لأبناء جنسك، فإن الاقتداء لا يتم إلا بمن يعمل بما يعلمه ويأتمر بما يُؤمر به، ثم قرن ذلك باعتقاد توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، فالخالق المربي للأشباح بما أنزل من الرزق، وللأرواح بما أنزل من الوحي، هو المعبود الواحد الذي لا شريك له، المجازي على الأعمال التي لا تقبل شفاعة ولا فداء. ثم أمره بعدئذ بالإعراض عن المشركين بأن لا يبالي بإصرارهم على الشرك ولا مثل قولهم: درست؛ لأن الحق يعلو متى ظهر بالقول والعمل مع الإخلاص، ولا يضره الباطل بتزيينه بزخارف الأقوال، ولا بالانكباب على خرافات الأعمال، ثم هون عليه أمر الإعراض عنهم فقال:
107 - {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى توحيدهم وعدم إشراكهم لـ {مَا أَشْرَكُوا} بأن يخلق البشر كلهم مؤمنين طائعين بالفطرة كالملائكة، لكنه خلقهم مستعدين للإيمان والكفر، والتوحيد والشرك، والطاعة والفسق، مضت سنته بأن يكونوا مختارين في أعمالهم وفي كسبهم لعلومهم وأعمالهم، وجعل منها الخير والشر، وإن كانت غرائزهم وفطرهم كلها خيرًا.
والمعنى (?): لا تلتفت يا محمد إلى سفاهات هؤلاء المشركين الذين قالوا لك: إنما جمعت هذا القرآن من مذاكرة الناس، ولا يثقلن عليك شركهم، فإنا لو أردنا إزالة الشرك عنهم .. لقدرنا, ولكنا تركناهم مع كفرهم، فلا ينبغي أن تشغل قلبك بكلماتهم.
{وَمَا جَعَلْنَاكَ} يا محمَّد {عَلَيْهِمْ}؛ أي: على هؤلاء المشركين {حَفِيظًا}؛ أي: رقيبًا، ولا حافظًا من جهتنا تحفظ عليهم أعمالهم لتحاسبهم عليها وتجازيهم بها {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}؛ أي: وما أنت بحافظ ولا قيم عليهم من جهتم تقوم