كالتوالد ونحوه بحسب سننه في الخلق. وقرأ النخعي: {ولم يكن} بالياء، ووجه على أن فيه ضميرًا يعود على الله، أو على أن فيه ضمير الشأن، وجملة: {لَهُ صَاحِبَةٌ} على هذين الوجهين في موضع نصب خبر يكن، أو على ارتفاع {صاحبة} بـ {يكن}، وذُكِّر للفصل بين الفعل والفاعل كقوله:
وَلَدَ الأُخَيِطلَ أُمُّ سُوْءْ
وحضر للقاضي امرأة ذكره أبو حيان في "البحر".
وجملة قوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} مقررة لإنكار نفي الولد، ودليل بعد دليل على ذلك؛ أي: وهو سبحانه وتعالى خلق كل شيء من الكائنات خلقًا وأوجده إيجادًا، ولم يلده ولادة كما زعمتم، فما افتريتم واخترعتم من الولد، فإنما هو مخلوق له لا مولود منه. يعني (?): إن الصاحبة والولد في جملة من خلق؛ لأنه خالق كل شيء، وليس كمثله شيء، فكيف يكون الولد لمن لا مثل له؟ وإذا نسب الولد والصاحبة إليه .. فقد جعل له مثل، والله تعالى منزه عن المثلية، وهذه الآية حجة قاطعة على فساد قول النصارى.
{وَهُوَ} سبحانه وتعالى {بِكُلِّ شَيْءٍ} من المعلومات {عَلِيمٌ} لا تخفى عليه من مخلوقاته شيء؛ أي: إن علمه سبحانه وتعالى بكل شيء ذاتي له، ولا يعلم كل شيء إلا الخالق لكل شيء، ولو كان له ولد .. لكان هو أعلم به، ولهدى العقول إليه بآيات الوحي ودلائله، لكنه كذب الذين افتروا عليه ذلك كذبًا بلا علم مؤيد بوحي ولا دليل عقلي.
والخلاصة (?): أنه تعالى نفى عن نفسه الولد بوجوه:
1 - أن من مبدعاته السموات والأرضين، وهي مبرأة من الولادة لاستمرارها وطول مدتها.
2 - أن العادة قد جرت بأن الولد يتوالد من ذكر وأنثى متجانسين، والله تعالى منزه عن المجانسة لشيء.