على {نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ} من عطف الخاص على العام لشرفه، ولما جرد النخل .. جردت جنات الأعناب لشرفهما؛ أي: وأخرجنا بالماء بساتين كائنة من أعناب. وقرأ محمد بن أبي ليلى والأعمش وأبو بكر في رواية عنه عن عاصم: {وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} بالرفع، وهي قراءة علي بن أبي طالب. وقدره أبو البقاء: ومن الكرم {جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} نظرًا لقوله أولًا: {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ}.

وقوله: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ} معطوفان على نبات كل شيء؛ أي: وأخرجنا بذلك الماء شجر الزيتون وشجر الرمان حالة كون كل واحد منهما {مُشْتَبِهًا}؛ أي: يشبه (?) بعضه بعضًا في بعض أوصافه {وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ}؛ أي: ولا يشبه بعضه بعضًا في البعض الآخر. وقيل: إن أحدهما يشبه الآخر في الورق باعتبار اشتماله على جميع الغصن، وباعتبار حجمه، ولا يشبه أحدهما الآخر في الطعم. وقال قتادة: مشتبهًا ورقها مختلفًا ثمرها؛ لأن ورق الزيتون يشبه ورق الرمان.

وقيل: هما منصوبان على الاختصاص، وإنما خصهما بالذكر لقرب منابتهما من العرب؛ أي (?): وأخص من نبات كل شيء: الزيتون والرمان حال كون الرمان مشتبهًا في بعض الصفات وغير مشتبه في بعض آخر، فإنها أنواع تشتبه في شكل الورق والثمر، وتختلف في لون الثمر وطعمه، فمنها الحلو، والحامض، والمرُّ، وكل ذلك دال على قدرة الصانع وحكمة المبدع جلَّ شأنه.

واعلم (?): أن الله سبحانه وتعالى ذكر في هذه الآية أربعة أنواع من الشجر بعد ذكر الزرع، وإنما قدم الزرع على سائر الأشجار؛ لأن الزرع غذاء، وثمار الأشجار فواكه، والغذاء مقدم على الفواكه؛ وإنما قدم النخلة على غيرها؛ لأن ثمرتها تجري مجرى الغذاء، وفيها من المنافع والخواص ما ليس في غيرها من الأشجار، وإنما ذكر العنب عقب النخلة؛ لأنها من أشرف أنواع الفواكه، ثم ذكر عقبه الزيتون لما فيه من البركة والمنافع الكثيرة في الأكل وسائر وجوه الاستعمال، ثم ذكر عقبه الرمان لما فيه من المنافع أيضًا؛ لأنه فاكهة ودواء. وقرأ الجمهور: {مُشْتَبِهًا}، وقرىء شاذًا: {مُشْتَبِهًا}، وهما بمعنى واحد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015