[99]

[100]

يغفر كثيرًا لمن ظلم نفسه. قال تعالى: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.

99 - وبعد أن أبان الله سبحانه وتعالى أن الجزاء بيد الله العليم بكل شيء .. ذكر وظيفة الرسول، وهو توصيل الأحكام إلى أمته فقال: {مَا عَلَى الرَّسُولِ} محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وكذا سائر رسل الله تعالى صلوات الله عليهم أجمعين؛ أي: ليس على رسولنا الذي أرسلناه إليكم بالإنذار بالعقاب بين يدي عذاب شديد، والإعذار إليكم بما يقطع حججكم. {إِلَّا الْبَلَاغُ}؛ أي: إلا أن يؤدي الرسالة إليكم ثم إلينا الثواب على الطاعة، وعلينا العقاب على المعصية، ولا يخفى علينا المطيع لأوامرنا، والعاصي التارك للعمل بها، كما قال: {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} وتظهرون من الأعمال الحسنة والسيئة {وَمَا تَكْتُمُونَ}؛ أي: وما تخفون في قلوبكم من الإيمان والنفاق والشرك، فيجازيكم عليها؛ إذ لا يغيب عنه شيء من ضمائر الصدور، وظواهر أعمال النفوس، فخليق بكم أن تتقوني ولا تعصوا أمري، وفي هذه الجملة وعد ووعيد. وفي هذا وعيد شديد وتهديد لمن يخالف أوامر الله ويعصيه، كما أن فيه إبطالًا لما عليه أهل الشرك والضلال من الخوف من معبوداتهم الباطلة، والتماس الخلاص والنجاة من العذاب بشفاعتها.

والخلاصة (?): أن الرسول ليس عليه إلا البلاغ لدين الله وشرعه، وبعدئذ يكون المبلغون هم المسؤولون عند الله تعالى، والله الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون من العقائد والأقوال والأفعال، وهو الذي يجازيهم بحسب علمه المحيط بكل ذرة في الأرض والسموات، ويكون جزاؤه حقًّا وعدلًا، ويزيد بعد ذلك من إحسانه عليهم وفضله، فاطلبوا سعادتكم من أنفسكم، وخافوا منها عليها.

وما ورد من الشفاعة في الآخرة فهو دعاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - يستجيبه الله، فيظهر عقبه ما سبق به علمه واقتضته حكمته بحسب ما جاء في كتابه دون أن يكون مؤثرًا في علم الله ولا في إرادته، فالحادث لا يؤثر في القديم.

100 - وبعد أن بين الله تعالى أن الجزاء منوط بالأعمال .. أراد أن يبين ما يتعلق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015