جماعة. وقيل: يحرم عليه مطلقًا، وإليه ذهب آخرون. وقد بسطنا الكلام على هذا الاختلاف في الفصل الآتي مع ذكر حجة كل واحد منهم.
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى تحريم الصيد على المحرم في ثلاثة مواضع من هذه السورة (?):
أحدها: في أول السورة، وهو قوله: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}.
والثاني: قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}.
والثالث: هذه الآية: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} كل ذلك لتأكيد تحريم قتل الصيد على المحرم.
وقرأ ابن عباس: {وَحُرِّمَ} مبنيًّا للفاعل و {صَيْدُ} بالنصب {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} بفتح الحاء والراء. وقرأ يحيى: {مَا دُمْتُمْ} بكسر الدال، وهو لغة يقال: دام يدام كخاف يخاف.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: خافوا الله {الَّذِي إِلَيْهِ} لا إلى غيره {تُحْشَرُونَ}؛ أي: تجمعون وترجعون إليه للمجازاة، لا إلى غيره حتى يتوهم الخلاص من أخذه تعالى بالتجاء إلى ذلك الغير، فلا غير يلتجأ إليه، بل الأمر محصور فيه تعالى.
والمعنى (?): واخشوا الله تعالى، واحذروا عقابه بطاعته فيما أمركم به من فرائضه، وفيما نهاكم عنه من جميع ما تقدم من الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، وإصابة صيد البر وقتله في حال إحرامكم، وفي نحو ذلك، فإن إليه مصيركم ومرجعكم، فيعاقبكم بمعصيتكم، ويثيبكم على طاعتكم، ولا يخفى ما فيه من التشديد والمبالغة في التحذير من عقابه.
فصل
وقد اختلف العلماء: هل يجوز للمحرم أن يأكل من لحم صيد صاده غيره؟