بأس. وقال الشافعي: السمكة الطافية في البحر حلال، والسمكة عنده كل ما لا يعيش إلا في الماء، ولو كان على صورة غير المأكول من حيوان البر؛ كالآدمي والكلب والخنزير، فهذا كله حلال عنده، وحجته الخبر السابق وهذه الآية؛ لأنها نزلت في قوم من بني مدلج كانوا أهل صيد البحر، سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طعام البحر، وعما حسر البحر عنه. ومعنى قوله تعالى: {وَطَعَامُهُ}؛ أي: ما حسر عنه البحر وألقاه. وقال أحمد: يؤكل كل ما في البحر إلا الضفدع والتمساح؛ لأن التمساح يفترس ويأكل الناس. وقال ابن أبي ليلى ومالك: يباح كل ما في البحر.

وذهب جماعة إلى أن ما له نظير يؤكل من حيوان البر يؤكل مثل: بقر الماء ونحوه، ولا يؤكل ما لا يؤكل نظيره في البر مثل: كلب الماء وخنزيره. واختلفوا (?) في الجراد فقيل: هو من صيد البحر، فيحل أكله للمحرم. وذهب جمهور العلماء إلى أنه من صيد البر، وأنه لا يحل للمحرم أكله في حال الإحرام، فإن أصاب جرادة فعليه صدقة. قال عمر: في الجرادة تمرة، وعنه وعن ابن عباس رضي الله عنهم: قبضة من طعام. وكذلك طير الماء، فهو من صيد البر أيضًا.

{مَتَاعًا لَكُمْ} أيها المقيمون {وَلِلسَّيَّارَةِ}؛ أي: وللمسافرين منكم؛ أي: أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر وأكله متاعًا لكم؛ أي: تمتيعًا ومنفعة لمن كان منكم مقيمًا في بلده، يستمتع بأكله طريًّا، وينتفع به، ومنفعة ومتعة للسائرين والمسافرين منكم من أرض إلى أرض، يجعلونه قديدًا، ويتزودونه في سفرهم مليحًا للأكل، أو للبيع كما تزود موسى عليه السلام الحوت في مسيره إلى الخضر.

{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ} أيها المحرمون {صَيْدُ الْبَرِّ}؛ أي: أكل ما يصاد في البر، وهو كل ما لا يعيش إلا في البر {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}؛ أي: مدة كونكم محرمين بحج أو عمرة. وظاهره تحريم صيده على المحرم، ولو كان الصائد حلالًا، وإليه ذهب الجمهور إذا كان الصائد صاده للمحرم لا إذا لم يصده لأجله، وهو القول الراجح، وبه يجمع بين الأحاديث الآتية. وقيل: إنه يحل له مطلقًا، وإليه ذهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015