وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: إذا قتل المحرم شيئًا من الصيد .. فعليه فيه الجزاء، فإن قتل ظبيًا أو نحوه .. فعليه ذبح شاة تذبح بمكة، فإن لم يجد .. فإطعام ستة مساكين، فإن لم يجد .. فصيام ثلاثة أيام، فإن قتل أيلًا - من بقر الوحش - فعليه بقرة، فإن لم يجدها .. صام عشرين يومًا، وإن قتل نعامة أو حمار وحش أو نحو ذلك .. فعليه بدنة من الإبل، فإن لم يجد .. أطعم ثلاثين مسكينًا، فإن لم يجد .. صام ثلاثين يومًا، والطعام مد مد يشبعهم. وقال مالك: بوجوب الشاة في خصوص حمام مكة ويمامها تعبدًا، فإن لم يكن .. فصيام عشرة أيام من غير تقويم ولا حكم، وحمام غيرها وسائر الطيور ليس فيه إلا قيمته طعامًا، أو عدله صيامًا، ذكره الصاوي.
وقرأ نافع وابن عامر (?): {كفارة طعام مساكين} بالإضافة، والإضافة تكون بأدنى ملابسة؛ إذ الكفارة تكون كفارة هدي، وكفارة طعام، وكفارة صيام. وقرأ باقي السبعة بالتنوين ورفع {طعام}.
وقرأ كذلك الأعرج وعيسى بن عمر إلا أنهما أفردا {مسكين} على أنه اسم جنس. وقرأ الجمهور {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ} بفتح العين، وقرأ ابن عباس وطلحة بن مصرف والجحدري بكسرها.
وقوله: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} متعلق ب محذوف تقديره: أوجبنا عليه ذلك الجزاء بأقسامه الثلاثة ليذوق وبال أمره؛ أي: جزاء ذنبه الصادر منه، وعقوبة هتكه لحرمة الإحرام؛ إما بدفع الغرم، وإما بالعمل ببدنه بما يتعبه ويشق عليه، والوبال في الأصل: الشيء الثقيل الذي يخاف ضرره، وإنما سمَّى الله ذلك الجزاء وبالًا؛ لأن إخراج الجزاء ثقيل على النفس؛ لأن فيه تنقيصًا للمال، وهو ثقيل على النفس، وكذا الصوم أيضًا ثقيل على النفس؛ لأن فيه إنهاك البدن.
والمعنى (?): أن الله سبحانه وتعالى أوجب على قاتل الصيد في الإحرام أو في الحرم أحد هذه الأشياء الثلاثة التي كل واحد منها ثقيل على النفس، حتى