عبد الرحمن، لا تسأل الإمارة، فإنها إن أتتك عن مسألة .. وكلت إليها، وإن أتتك من غير مسألة .. أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها .. فأتِ الذي هو خير، وكفِّر عن يمينك" متفق عليه.
وهذا قول عمر وابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم - وعامة الفقهاء، وبه قال الحسن وابن سيرين، وإليه ذهب مالك والأوزاعي والشافعي إلا أن الشافعي قال: إن كَفَّر بالصوم قبل الحنث لا يجوز؛ لأنه بدني، إنما يجوز بالطعام أو الكسوة أو العتق. وقال أبو حنيفة: لا يجوز تقديم الكفارة على الحنث، والله أعلم.
الفصل الثاني: في مسائل يجملك معرفتها تكملة لدينك
المسألة الأولى: لا يجوز الحلف بغير الله تعالى وأسمائه وصفاته. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من كان حالفًا لا يحلف إلا بالله" رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر. ورويا أيضًا عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع عمر وهو يحلف بأبيه، فقال: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا .. فليحلف بالله، أو ليصمت!. وروى البخاري وأحمد عن ابن عمر قال: "كان أكثر ما يحلف به النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ومقلب القلوب". والمحرم أن يحلف بغير الله حلفًا يلتزم به ما حلف عليه، والبر به فعلًا أو تركًا؛ لأن الشارع جعل هذا خاصًّا بالحلف بالله وأسمائه وصفاته، أما ما يجيء لتأكيد الكلام، ويجري على ألسنة الناس دون قصد لليمين .. فلا يدخل في باب النهي؛ نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي: "أفلح وأبيه إن صدق"، ويدخل في النهي: الحلف بالنبي والكعبة وسائر ما هو معظم شرعًا.
المسألة الثانية: يجوز الحنث لمصلحة راجحة مع التكفير قبله؛ لما رواه أحمد والشيخان في "الصحيحين": عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها .. فأت الذي هو خير، وكفِّر عن يمينك"، وفي لفظ عن أبي داود والنسائي: "فكفر عن يمينك، ثم ائتِ الذي هو خير"، ودلَّ اختلاف الرواية في تقديم الأمر بالكفارة، أو تأخيره