تؤمن بالله وبما أنزله على رسله وأنبيائه، وتشهد لهم بصدق الرسالة، وأولئك المشركون لا يؤمنون بكتاب ولا رسول، ولا يعبدون إلهًا واحدًا، ولولا اتباع الهوى وتزيين الشيطان لهم أعمالهم .. ما فعلوا ذلك، ولا خطر هذا بخاطرهم، وما استحبوا العمى على الهدى {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}.
وقد روي أن كعب بن الأشرف وأصحابه ذهبوا إلى مكة واستجاشوا المشركين على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولكن لم يتم لهم ما أرادوا إذ لم يلبوا لهم دعوة، ولا استجابوا لهم كلمة.
{لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ}؛ أي: وعزتي وجلالي لبئس وقبح العمل الذي قدمته أنفسهم الخبيثة زادًا لآخرتهم من موالاتهم لعبدة الأوثان، والمخصوص بالذم {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ} وغضب {عَلَيْهِمْ}؛ أي: موجب سخط الله عليهم، وهو العمل الذي هو موالاة عبدة الأوثان {وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ}؛ أي: وخلودهم أبد الآبدين في عذاب جهنم، وهذه الجملة معطوفة على ما قبلها، فهي من جملة المخصوص بالذم، فالقدير: سخط الله عليهم وخلودهم في العذاب. والمعنى؛ أي: بئس شيئًا قدموه لأنفسهم في آخرتهم الأعمال التي أوجبت سخط الله وعظيم غضبه، وسيجزون بها شر الجزاء، إذ سيحيط بهم العذاب ولا يجدون عنه مصرفًا ويخلدون في النار أبدًا، فالنجاة منه إنَّما تكون برضا الله عن عبده، وهم لم يعملوا إلا ما يوجب سخطه، وشديد غضبه.
81 - {وَلَوْ كَانُوا}؛ أي: ولو كان أهل الكتاب الذين يوالون المشركين {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ}؛ أي: نبيهم الذي أرسل إليهم وهو موسى عليه السلام {وما أُنزِلَ إليهم} من التوراة كما يدعون {مَا اتَّخَذُوهُمْ}؛ أي: ما اتخذ اليهود المشركين عبدة الأوثان {أَوْلِيَاءَ} وأصدقاء؛ لأن تحريم اتخاذ المشركين أولياء متأكد في التوراة في شرع موسى عليه السلام، فلما فعلوا ذلك .. ظهر أنه ليس مرادهم تقرير دين موسى واتباعه، بل مرادهم الرياسة والجاه، فيسعون في تحصيلها بأي طريق قدروا عليها. قال أبو السعود: وبيان الملازمة أن الإيمان بما ذكر وازع عن توليهم قطعًا. والمعنى؛ أي ولو كان أولئك اليهود الذين يتولون