طَرِيقًا}؛ أي: وليس من شأنه أن يهدي أمثالهم طريقًا يوصلهم إلى الجزاء على أعمالهم
169 - {إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ}: فهي الطريق التي ينتهي إليها من دنس نفسه بالكفر والظلم، وأوغل في السير فيها طول عمره، واستمرأ الشرور والمفاسد، حتى هوت به إلى وادٍ سحيقٍ، يعني: يهديهم إلى طريق تؤدي إلى جهنم، وهي اليهودية، لما سبق في علمه أنهم أهل لذلك، فانتظار المغفرة ودخول الجنات لأمثال هؤلاء انتظارٌ لإبطال نظام العالم، ونقض لسنن الله وحكمته في خلق الإنسان، وما أجود قولَ الشاعر:
ترْجُوْ النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا ... إِنَّ السَّفِيْنَةَ لاَ تَجْرِيْ عَلَى الْيَبَسِ
حالة كونهم {خَالِدِينَ فِيهَا}؛ أي: مقدرين الخلود والدوام في جهنم {أَبَدًا}؛ أي: مدةً لا نهاية لها ولا انقضاء، أي: يدخلونها ويذوقون عذابها حال كونهم خالدين فيها أبدًا، لا يخرجون منها ولا يموتون فيها أبدَ الآبدين، وإنما قال: {أَبَدًا} بعد {خَالِدِينَ}؛ لدفع احتمال أن الخلود هنا يراد به المكث الطويل.
فائدة: والفرق بين الخلود والأبد: أن الخلود: بقاء الشيء مدةً طويلة على حال واحدة، لا يطرأ عليه فيها تغيير ولا فناء، والأبد: الزمن الممتد الذي لا نهاية له ولا انقضاء، يقال: تأبد الشيء إذا بقي أبدًا، وأبد بالمكان - من باب تعب - أبودًا إذا أقام به ولم يبرحه.
{وَكَانَ ذَلِكَ}؛ أي: تخليدهم في جهنم، أو ترك المغفرة لهم والهداية مع الخلود في جهنم {عَلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى {يَسِيرًا}؛ أي: هينًا سهلًا على الله دون غيره؛ لأنه مقتضى حكمته وسننه، وليس بالعزيز على قدرته؛ لأنه لا يصعب عليه شيء {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} وفي هذا تحقير لأمرهم، وبيان بأن الله تعالى لا يعبأ بهم ولا يبالي بشأنهم.
170 - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} هذا خطاب عام يدخل فيه جميع الكفار من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان وغيرهم، وقيل: هو خطاب لمشركي مكة {قَدْ