والتواني في الحرب معهم، وإلقاء الكلام الذي تضعف به عزائمهم عن قتالكم، ومراسلتنا إياكم بأخبارهم وأسرارهم، وإلا لكنتم نهبة للنوائب، فاعرفوا لنا هذا الفضل، وهاتوا لنا نصيبًا مما أصبتم. وقرأ أبي: {ومنعناكم من المؤمنين} وهذا معطوف على معنى مقدر، لأن المعنى: أما استحوذنا عليكم ومنعناكم، كقوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا} إذا المعنى: أما شرحنا لك صدرك ووضعنا عنك، والجمهور على جزم {ونمنع} عطفًا على ما قبله، وقرأ ابن أبي: بنصب العين وهي ظاهرة، فإنه على إضمار أن بعد الواو المعية الواقعة في جواب الاستفهام، وقيل المعنى: إن (?) أولئك الكفار قد هموا بالدخول في الإِسلام، والمنافقون حذروهم عن ذلك، وأطمعوهم أنه سيضعف أمر محمَّد، وسيقوى أمركم، فإذا اتفقت لهم صولة على المسلمين .. قال المنافقون للكفار: ألسنا غلبناكم على رأيكم في الدخول في الإِسلام ومنعناكم منه، وقلنا لكم سيضعف أمر محمَّد، ويقوى أمركم، فلما شاهدتم صدق قولنا .. فادفعوا إلينا نصيبًا مما أصبتم وغنمتم منهم.
والسر (?) في التعبير عن ظفر المؤمنين بالفتح، وأنه من الله، وعن ظفر الكافرين بالنصيب، كما مر الإيماء إلى أن العاقبة للحق دائمًا، وأن الباطل ينهزم أمامه، مهما كان له أول أمره من صولة ودولة، وقد يقع أثناء ذلك نصيب من الظفر للباطل، ولكن تنتهي بغلبة الحق عليه كما قال: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ما دام أهله متبعين لسنة الله، بأخذ الأهبة وإعداد العدة، كما أمر بذلك الكتاب العزيز بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}.
وإنما غلب المسلمون في هذه العصور على أمرهم، وفتح الكافرون بلادهم، التي فتحوها من قبل بقوة إيمانهم؛ لأنهم تركوا أخذ الأهبة وإعداد العدة، وقام أعداؤهم بكل ما تستدعيه الحروب الحاضرة، فأنشؤوا البوارج (?)