مذهب إمامهم الذي نزلوه منزلة معلم الشرائع، بل بالغوا في ذلك حتى جعلوا رأيه الفائل واجتهاده الذي هو عن المنهج مائل مقدمًا على كتاب الله وسنة رسوله، فهذه مصيبة يا لها مصيبة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي الآية (?) إيماء إلى أن من يقر المنكر ويسكت عليه يقع في الإثم، وإلى أن إنكار الشيء يمنع من انتشاره بين الناس، وقد وقع في هذا المنكر كثير من المسلمين، فإنهم يرون الملحدين في البلاد يخوضون في آيات الله ويستهزؤون بالدين، وهم يسكتون عن ذلك، ولا يبدون إنكارًا ولا اشمئزازًا ولا صدًّا ولا إعراضًا.
قال بعض أهل العلم (?): هذه الآية تدل على أن من رضي بالكفر .. فهو كافر، ومن رضي بمنكر يراه، وخالط أهله، وإن لم يباشر .. كان في الإثم بمنزلة المباشر، أما إذا كان ساخطًا لقولهم وفعلهم، وإنما جلس على سبيل التقية والخوف، فالأمر ليس كذلك، فالمنافقون الذين كانوا يجالسون اليهود ويطعنون في الرسول والقرآن مع اليهود هم كافرون مثل أولئك اليهود، أما المسلمون الذين كانوا بمكة يجالسون الكفار الذين كانوا يطعنون في القرآن. . فإنهم باقون على الإيمان؛ لأنهم إنما يجالسون الكفار للضرورة والتقية منهم، وأما المنافقون في المدينة فلا ضرورة لهم إلى الجلوس مع اليهود.
{إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ}؛ أي: منافقي أهل المدينة، عبد الله بن أبي وأصحابه وغيرهم، {وَالْكَافِرِينَ}؛ أي: كفار أهل مكة أبي جهل وأصحابه، وكفار أهل المدينة كعب بن الأشرف وغيرهم، {فِي} نار {جَهَنَّمَ} وقعرها حالة كونهم {جَمِيعًا}؛ أي: مجتمعين فيها؛ أي: فكما أنهم اجتمعوا في الدنيا على الاستهزاء بآيات الله تعالى .. فكذلك يجتمعون في عذاب جهنم يوم القيامة، ولا يخفى ما في هذا من الوعيد للكفار والمنافقين، وهذه الجملة (?)