وخفاياها، والشهادة يكثر فيها الغش والاحتيال، حتى لقد يغش الإنسان فيها نفسه، ويلتمس المعاذير في كتمان الشهادة أو تحريفها، فليتدبر المسلمون ذلك، و {ليعلموا} بهدي كتابهم، ويقيموا الشهادة، ففي ذلك فلاحهم في دينهم ودنياهم، وقرأ حمزة وابن عامر: {وَإِنْ تَلْوُوا} بلام مضمومة وواو واحدة ساكنة من الولاية، والمعنى: وإن وليتم إقامة الشهادة فأديتموها أو تعرضوا عن أدائها .. فإن الله كان بما تعملون خبيرًا.
وقيل (?): الخطاب على كلا القراءتين للحاكم، والمعنى على القراءة الأولى: وإن تلووا أيها الحكام؛ أي: تميلوا مع أحد الخصمين دون الآخر، أو تعرضوا عنه بالكلية. وعلى القراءة الثانية: وإن تلوا أيها الحكام أمور المسلمين وتضيعوهم، أو تعرضوا عنهم بالكلية.
136 - وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطاب (?) لكافة المسلمين، وذكر ذلك عقب الأمر بالعدل؛ لأنه لا يكون عدل إلا بعد الاتصاف بالإيمان، فهو من ذكر السبب بعد المسبب، وقوله فيما يأتي: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ...} إلخ، بيان للطريق التي تفسد الإيمان، وهي الردة لتجتنب، والمعنى: يا أيها الذين آمنوا وصدقوا بما جاء به محمَّد - صلى الله عليه وسلم - {آمِنُوا بِاللَّهِ}؛ أي: داوموا على ما أنتم عليه من الإيمان بالله، وازدادوا فيه طمأنينة ويقينًا، {و} آمنوا بـ {رسوله} محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، بامتثال ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه {و} آمنوا بـ {الكتاب الذي نزل} الله سبحانه وتعالى بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة؛ لأن صيغة التفعيل تفيد التكرير كما قاله الزمشخري، {عَلَى رَسُولِهِ} محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، بالعمل بما فيه من الأوامر والنواهي وهو القرآن الكريم {و} آمنوا بـ {الكتاب الذي أنزل من قبل}؛ أي: وبجنس الكتب التي أنزل الله تعالى من قبل القرآن على الرسل السالفة من قبل محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، كتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وزبور داود وغيرها؛ أي: آمنوا بأنها حقة منزلة من عند الله تعالى، فإنه سبحانه وتعالى لم يترك عباده في زمن ما محرومين من البينات والهدى، وقرأ (?) ابن كثير وأبو