الشهوات. وقرأ الجمهور {ميلًا} بسكون الياء، وقرأ الحسن بفتحها.
28 - {يُرِيدُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى: {أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} أيها الأمة المحمدية، ويسَهل عليكم في جميع أحكام الشرع، كإباحة نكاح الأمة عند الضرورة، ونحوه من سائر الرخص، ولم يثقل التكاليف عليكم، كما ثقلها على بني إسرائيل، كما أخبره في كتابه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، وكما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "بعثت بالحنيفية السهلة السمحة".
{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}؛ أي: خلق الله جنس الإنسان حالة كونه ضعيفًا؛ أي: عاجزًا عن مخالفة هواه، غير قادر على مخالفة دواعيه، حيث لم يصبر عن النساء، وعن اتباع الشهوات، ولا يستخدم قواه في مشاق الطاعات، ولذلك خفف الله تكليفه، وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لا خير في النساء ولا صبر عنهن يغلبن كريمًا ويغلبهن لئيم، فأحب أن أكون كريمًا مغلوبًا ولا أحب أن أكون لئيمًا غالبًا". وقيل: هو ضعيف في أصل الخلقة؛ لأنه خلق من ماء مهين ..
وقد رحم الله عباده (?)، فلم يحرم عليهم من النساء إلا ما في إباحته مفسدة عظيمة، وضرر كبير، ولا يزال الزنا ينتشر حيث يضعف وازع الدين، ولا يزال الرجال هم المعتدين، فهم يفسدون النساء ويغرونهن بالأموال، ويحجر الرجل على امرأته ويحجبها، بينما يحتال على امرأة غيره ويخرجها من خِدرها، وإنه لغِرٌّ جاهلٌ، أفيظن أن غيره لا يحتال على امرأته كما احتال هو على امرأة سواه، فقلما يفسق رجل إلا يكون قدوةً لأهل بيته في الفسق والفجور، وفي الحديث: "عفوا تعف نسائكم وبروا آباءكم تبرّكم أبناؤكم" رواه الطبراني من حديث جابر.
وقد بلغ الفسق في هذا الزمن حدًّا صار الناس يظنونه من الكياسة، وزالت غيرتهم، وأسلسوا القياد لنسائهم كما يسلسن لقيادتهن، فوهت الروابط الزوجية، ونخر السوس في سعادة البيوت، ووجدت الرذيلة لها مرتعًا خصيبًا في أجواء الأسر، حتى أصبح الرجل لا يثق بنسله، وكثرت الأمراض والعلل بشتى مظاهرها.