ومن بعد قضاء دين عليهن إن كان؛ إذ لا يأخذ الوارث شيئًا من التركة إلا ما فضل عنهما إن وجدا، أو وجد أحدهما، {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}؛ أي: وللزوجات الربع من المال الذي تركتموه أيها الأزواج {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} ذكر، أو أنثى واحد، أو متعدد منهن، أو من غيرهن على التفصيل السابق في أولادهن، فإن كانت واحدةً .. فلها هذا الربع وحدها، وإن كان له زوجان فأكثر .. اشتركتا أو شتركن فيه على طريق التساوي، والباقي يكون لبقية ورثتكم من أصحاب الفروض، والعصبات، أو ذوي الأرحام، أو لبيت المال إن لم يكن لكم وارث آخر أصلًا {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ} أيها الأزواج {وَلَدٌ} وارث على التفصيل السابق، ولا فرق بين الولد، وولد الابن، وإن سفل في ذلك، وسواء كان الولد للرجل من الزوجة، أو من غيرها {فَلَهُنَّ}؛ أي: لزوجاتكم {الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} من الأموال، والباقي لبقية الورثة.
{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}؛ أي: هذه الأنصباء: إنما تدفع لأزواجكم من بعد تنفيذ وصية توصون بها، أيها الأزواج، حَالَ كونكم غير مضارينَ بها، وبعد قضاء دين عليكم إذا وجدا، أو وجد أحدهما.
وبهذا (?) تعلم أن فرَضَ الرجل بحق الزواج ضعف فرض المرأة كما في النسب، ولم يعط الله تعالى للزوجات في الميراث إلا مثل ما أعطى للزوجة الواحدة؛ لإرشادنا إلى أن الأصل الذي ينبغي أن نسيرَ عليه في الزوجية، أن تكون للرجل امرأة واحدةٌ، وإنما يباح الأكثر بشروط مضيقة، وأن التعدد من الأمور النادرة التي تدعو إليها الضرورة، فلم يراعها الشارع في الأحكام، إذ الأحكام إنما توضع للأصل الذي عليه العمل، والنادرُ لا حكمَ له. وبعد أن بين الله سبحانه وتعالى حكمَ ميراثِ الأولاد، والوالدين، والأزواج ممن يتصل بالميت مباشرةً شرع يبين من يتصل به بالواسطة، وهو الكلالة فقال: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ} من أورث صفة رجل؛ أي: إن كان الميت المورث