والقلب بعيد غير مطرد، واشتقاقه من السمو عند البصريين؛ لأنّه رفعة للمسمّى وشعار له، ومن السمة عند الكوفيين، وأصله: وسم حذفت الواو، وعوضت عنها همزة الوصل؛ ليقلّ إعلاله، وردّ: بأنّ الهمزة لم تعهد داخلة على ما حذف صدره في كلامهم، ومن لغاته: سم، وسم، قال:
بسم الّذي في كلّ سورة سمه
والاسم إن أريد به اللفظ؛ فغير المسمّى؛ لأنّه يتألّف من أصوات مقطّعة غير قارة، ويختلف باختلاف الأمم والأعصار، ويتعدّد تارة ويتحد أخرى، والمسمّى لا يكون كذلك. وإن أريد به ذات الشيء؛ فهو عين المسمّى، لكنّه لم يشتهر بهذا المعنى. وقوله تعالى: {تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} المراد به اللفظ؛ لأنّه كما يجب تنزيه ذاته سبحانه وتعالى، وصفاته عن النقائص، يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها، عن الرفث وسوء الأدب، أو الاسم مقحم، كما في قول الشاعر:
إلى الحول ثمّ اسم السلام عليكما
كما مرّ.
وإنما قال: {بِسْمِ اللَّهِ} ولم يقل: بالله؛ لأنّ التبرّك والاستعانة بذكر اسمه، أو للفرق بين اليمين والتيمّن، ولم تكتب الألف على ما هو وضع الخط؛ لكثرة الاستعمال، وطوّلت الباء عوضا عنها.
ولفظ {اللَّهِ} أصله: إله على وزن فعال، فحذفت الهمزة، وعوّض عنها الألف واللام؛ ولذلك قيل: يا آلله بالقطع، إلا أنّه يختص بالمعبود بالحق. والإله في أصله يطلق على كل معبود، سواء بحق، أم لا، ثم غلب على المعبود بالحق. واشتقاقه من أله الرجل إلهة، وألوهة، وألوهيّة بمعنى: عبد عبادة، ومنه تألّه، واستأله. وقيل: من أله إذا تحيّر؛ لأنّ العقول تتحير في معرفته، أو من ألهت إلى فلان؛ أي: سكنت إليه؛ لأن القلوب تطمئن بذكره، والأرواح تسكن إلى معرفته، أو من أله إذا فزع من أمر نزل عليه، وألهه غيره: أجاره، إذا العائذ يفزع إليه، وهو يجيره حقيقة، أو بزعمه، أو من أله الفصيل، إذا أولع بأمه، إذ