وكان إبراهيم لا يأكل لحوم الإبل وألبانها، وأنت تأكل ذلك كلَّه، فلست على ملته. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كان ذلك حلالًا لإبراهيم". قالوا: كل ما نحرمه اليوم، كان ذلك حرامًا على نوح وإبراهيم حتى انتهى إلينا. فأنزل الله عز وجل: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} وهو يعقوب {مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} يعني: ليس الأمر على ما تدعيه اليهود من تحريم لحوم الإبل، على إبراهيم، بل كان ذلك حلالًا على إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وإنما حرَّمه يعقوب بسببٍ من الأسباب، وبقيت تلك الحرمة في أولاده، فأنكر اليهود ذلك، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإحضار التوراة، وطلب منهم أن يستخرجوا منها: أنَّ ذلك كان حرامًا على إبراهيم.

قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ ...} سبب نزول هذه الآية: أنَّ اليهود قالوا للمسلمين، بيت المقدس، قبلتنا، وهو أفضل من الكعبة، وأقدم، وهو مهاجر الأنبياء وقبلتهم، وأرض المحشر، وقال المسلمون: بل الكعبة أفضل، فأنزل هذه الآية.

وقيل: لما ادَّعَتِ اليهود والنصارى أنهم على ملة إبراهيم أكذبهم الله تعالى، وأخبر أن إبراهيم كان {حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وأمرهم باتباعه فقال تعالى في الآية المتقدمة: {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وكان من أعظم شعائر ملة إبراهيم الحج إلى الكعبة، ذكر في هذه الآية فضيلة البيت ليفرع عليها إيجاب الحج.

قوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ...} سبب نزولها: ما أخرجه سعيد بن منصور عن عكرمة قال: لما نزلت آية {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} قالت اليهود: فنحن مسلمون، فقال لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله فرض على المسلمين حج البيت"، فقالوا: لم يكتب علينا، وأبوا أن يحجوا فأنزل الله: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا ...} الآيات، سبب نزولها: ما أخرجه ابن إسحاق، وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: مرَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015