الدنيا أو ما أحضره لتخليص نفسه في الآخرة .. حض المؤمن على الصدقة، وبيَّن أنه لن يدرك البر حتى ينفق مما يحب.
قوله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}. مناسبة هذه الآية لما قبلها، والجامع بينهما: أنه تعالى أخبر أنه لا ينال المرء البر إلا بالإنفاق مما يحب.
ونبيُّ الله إسرائيل، روي في الحديث أنه مرض مرضًا شديدًا؛ فطال سقمه؛ فنذر لله نذرًا إن عافاه الله من سقمه، أن يحرم، أو ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب العام إليه لحوم الإبل، وأحب الشراب ألبانها. ففعل ذلك تقربا إلى الله تعالى. فقد اتفقت هذه الآية، والتي قبلها في أنَّ كلًّا منهما في ترك ما يحبه الإنسان، وما يؤثره على سبيل التقرب به لله تعالى.
قوله تعالى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} مناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة: وهو أنه لما أمر تعالى باتباع ملة إبراهيم، وكان حج البيت من أعظم شعائر ملة إبراهيم، ومن خصوصيات دينه .. أخذ في ذكر البيت وفضائله، ليبني على ذلك ذكر الحج ووجوبه. وأيضًا، فإن اليهود حين حولت القبلة إلى الكعبة؛ طعنوا في نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: بيت المقدس أفضل وأحق بالاستقبال؛ لأنه وضع قبل الكعبة، وهو أرض المحشر، وقبلة جميع الأنبياء، فأكذبهم الله في ذلك بقوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ}، كما أكذبهم في دعواهم قبل: إنما حرم عليهم ما كان محرمًا على يعقوب من قبل أن تنزل التوارة. وأيضًا: فإن كل فرقة من اليود والنصارى، زعمت أنها على ملة إبراهيم، ومن شعائر ملته حج الكعبة، وهم لا يحجونها، فأكذبهم الله في دعواهم تلك.
أسباب النزول
قوله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ...} سبب نزول هذه الآية (?): أن اليهود قالوا للنبيِّ محمد: - صلى الله عليه وسلم - تزعم أنك على ملة إبراهيم،