وفي العدول إلى لفظ الخبر فائدة التفاؤل بالوقوع، كأنّه وقع الإعاذة فيخبر عن مطاوعه. (بالله): مذهب أهل الحقائق في لفظ الجلالة عدم الاشتقاق؛ لأنه لا سبيل إلى كنه معرفته، ولذا قال السعد التفتازاني في حواشي الكشاف: اعلم أنّه كما تحيّرت الأوهام في ذاته وصفاته، فكذا في اللفظ الدالّ عليه من أنّه اسم أو صفة، مشتقّ أو غير مشتقّ، علم أو غير علم، إلى غير ذلك، وسيأتي بسط الكلام فيه في مبحث البسملة إن شاء الله تعالى. (من الشيطان) أي: (?) المبعد من رحمة الله تعالى، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: لمّا عصى لعن وصار شيطانا، فدلّ على أنّه؛ إنّما سمّي بهذا الاسم، بعد لعن الله له. وأمّا قبله فاسمه: عزازيل أو نائل. والشيطان: من شطن إذا تباعد من الرحمة، وقيل: من شاط يشيط، إذا هلك واحترق غضبا، وهو اسم لكلّ عات متمرد من الجنّ والإنس.

وعبارة «القرطبي» هنا (?): الشياطين واحد الشيطان: على التكسير، والنون أصليّة؛ لأنّه من شطن إذا بعد عن الخير، وشطنت داره أي: بعدت. قال الشاعر:

نأت بسعاد عنك نوى شطون ... فبانت والفؤاد بها رهين

وبئر شطون أي: بعيدة القعر، والشطن: الحبل، سمّي به لبعد طرفيه وامتداده، وسمّي الشيطان شيطانا: لبعده عن الحقّ وتمردّه، وذلك أنّ كلّ عات متمرد من الجنّ والإنس والدّواب شيطان. قال جرير:

أيّام يدعونني الشّيطان في غزل ... وهنّ يهوينني إذ كنت شيطانا

وقيل: الشيطان مأخوذ من شاط يشيط إذا بطل، فالنون زائدة، وشاط إذا احترق، وشيّطت اللحم إذا دخنته، ولم تنضجه، واشتاط الرجل إذا احتدّ غضبا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015