ديني أو دنياي أو يصدّني عن فعل ما أمرت به أو يحثّني على فعل ما نهيت عنه، فإنّ الشيطان لا يكفّه عن الإنسان إلّا الله تعالى، انتهى منه. ومعنى: (أعوذ بالله) ألتجىء إليه، وأمتنع به مما أخشاه، أو أستجير، أو أستغيث، من شرّ الشيطان، أي: من ضرر الشخص المبعد من رحمة الله، (الرجيم) أي: المطرود الملعون عند الله والملائكة والناس أجمعين. وإنما (?) لم يقيّد المستعاذ منه بشيء من قبائحه ومضارّه، كالهمز، واللمز، واللمس، والوسوسة، والنزعة، وغيرها؛ لتذهب الهمّة كلّ مذهب ليستعاذ من شرّه عموما.
والخامس في إعرابها: وأما إعراب هذه الجملة فتقول فيه: (أعوذ): فعل مضارع مرفوع بالضمّة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا لإسناده إلى المتكلم، تقديره: أنا، يعود على المستجير، والجملة الفعلية مستأنفة استئنافا نحويّا، لا محلّ لها من الإعراب. (بالله): جار ومجرور، متعلّق بأعوذ، (من الشيطان): جار ومجرور، متعلّق بأعوذ أيضا، وجوّز ذلك: اختلاف لفظهما ومعناهما، (الرجيم): صفة ذمّ للشيطان، مجرور بالكسرة الظاهرة.
والسادس في مفرداتها وتصاريفها: وأمّا مفرداتها وتصاريفها فتقول في بيانهما: الاستعاذة مصدر قياسيّ لاستعوذ، معناه: الالتجاء والاعتصام، كما مرّ آنفا. يقال: استعاذ يستعيذ استعاذة إذا تحصّن بشيء من شيء. وأصل الاستعاذة استعواذ، نقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها فقلبت الواو ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن، فالتقى ساكنان، وهما: ألف عين الكلمة وألف الاستفعال فحذفت ألف الاستفعال لالتقاء الساكنين، وعوضوا عنها التاء فصار استعاذة بوزن استفعالة، وهو أجوف واويّ؛ لأنّه من عاذ، يعوذ، عوذا، كقال:
يقول، قولا. والعوذ (?) والعياذ: مصدران كاللّوذ واللّياذ والصوم والصيام. وقول القائل: (أعوذ): إخبار عن فعله، وهو في التقدير سؤال الله عزّ وجلّ من فضله،