{وَنَحْنُ لَهُ} سبحانه وتعالى {مُسْلِمُونَ}؛ أي: منقادون له بالطاعة، مخلصون له في العبادة، مقرون بالألوهية والربوبية، لا نشرك به أحدًا أبدًا، ولا نبتغي بذلك إلا التقرب إليه، لإصلاح نفوسنا، وتزكية أرواحنا وتطهيرها من أدران الذنوب والخطايا.
وقد افتتحت الآية بالإيمان واختتمت بالإِسلام والخضوع، وهو الثمرة والغاية من كل دين أرسل به نبي.
85 - ثم أخبر تعالى: بأنَّ كل دين غير الإِسلام باطل ومرفوض فقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}؛ أي: ومن يطلب دينًا غير التوحيد والانقياد لحكم الله {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}؛ أي من سلك شريعة غير شريعة الإِسلام بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتدين بها، لن يقبل الله منه؛ يعني: إنَّ الدين المقبول عند الله هو دين الإسلام، وإن كل دين سواه غير مقبول عنده؛ لأنَّ الدين الصحيح ما يأمر الله به، ويرضى عن فاعله، ويثيبه عليه {وَهُوَ}؛ أي: ذلك المبتغي {مِنَ الْخَاسِرِينَ}؛ أي: من الواقعين في الخسران، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا .. فهو رد". والمعنى: أنَّ المعرض عن الإسلام، والطالب لغيره، فاقد للنفع، واقع في الخسران، بإبطال الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها، محروم من الثواب، واقع في العقاب، متأسف على ما فاته في الدنيا من العمل الصالح، وعلى ما تحمله من التعب في الدنيا، في تقرير الدين الباطل.
فائدة: قوله: {يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ} العامة (?) على إظهار هذين المثلين؛ لأنَّ بينهما فاصلًا، فلم يلتقيا في الحقيقة، وذلك الفاصل هو الياء التي حذفت للجازم، وروي عن أبي عمرو فيها الوجهان: الإظهار على الأصل ولمراعاة الفاصل الأصلي، والإدغام لمراعاة اللفظ، إذ يصدق أنَّهما التقيا في الجملة؛ لأن ذلك الفاصل مستحق الحذف لعامل الجزم، وليس هذا مخصوصًا بهذه الآية، بل كلما التقى فيه مثلان بسبب حذف حرف العلة اقتضت ذلك، يجرى فيه الوجهان،