الأشرف، وغيروا التوراة، وكتبوا كتابًا بدلوا فيه صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أخذت قريظة ما كتبوا، فخلطوه بالكتاب الذي عندهم، وقد جاء في كتب السيرة والحديث: أنَّ اليهود كانوا إذا سلَّموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يمضغون كلمة السلام، فيخفون اللام ويقولون: السام عليكم غير مفصحين بالكلمة؛ لأنَّهم يريدون معنى السام وهو الموت، وجاء في سورة النساء قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} فهؤلاء وضعوا {غَيْرَ مُسْمَعٍ} مكان "لا أسمعت مكروها" التي تقال عادة عند الدعاء و {راعنا} مكان انظرنا التي يقولها الناس لمن ينتظرون معونته ومساعدته، وإنَّما قالوا: {غَيْرَ مُسْمَعٍ} لأنَّها قد تستعمل في الدعاء على المخاطب، بمعنى لا سمعت، وقالوا: {راعنا} لأنَّ هذه الكلمة عبرانية أو سريانية، كانوا يَتَسابون بها.
وقرأ الجمهور (?): {يَلْوُونَ} مضارع لوى الثلاثي، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع، وشيبة بن نصاح، وأبو حاتم عن نافع شذوذًا: {يَلْوُونَ} بالتشديد، مضارع لوّي مشددًا، ونسبها الزمخشري إلى أهل المدينة، والتضعيف للمبالغة والتكثير، لا للتعدية، وقرأ حميد شاذًّا: (يلوُن) بضم اللام، ونسبها الزمخشري إلى أنَّها رواية عن مجاهد وابن كثير، ووجهت على أنَّ الأصل يلوون، ثمَّ أبدلت الواو همزة، ثم نقلت حركتها إلى الساكن قبله، وحذفت هي.
وقرأ الجمهور: {لِتَحْسَبُوهُ} والمخاطب المسلمون وقرىء شاذًا: {ليحسبوه} بالياء وهو يعود على المسلمين أيضًا، كما هم المراد بالمخاطبين في قراءة العامة، والمعنى: ليحسب المسلمون أنَّ المحرف من التوراة.
ولمَّا بيَّن الله سبحانه وتعالى فيما سلف افتراء اليهود على الله الكذب، ونسبتهم إليه ما لم يقله .. أردف ذلك بذكر افترائهم على الأنبياء صلوات الله وسلامه علهيم أجمعين فقال: