عند ربكم يوم القيامة، ولا تفشوه إلا إلى أشياعكم وجماعتكم وحدهم دون المسلمين؛ لئلا يزيدهم ذلك ثباتًا على دينهم، ودون المشركين؛ لئلا يدعوهم ذلك إلى الإِسلام. قل لهم يا محمَّد: ليست الهداية بأيديكم، وإنما الهدى هدى الله، يهدي من يشاء إلى الإيمان، ويثبته عليه، كما هدى المؤمنين.
وهذا التفسير على كون اللام في قوله: {إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} أصلية متعلقة بـ {تُؤْمِنُوا}، ويحتمل كونها زائدة، و {من تبع دينكم}: استثناء مقدَّم و {أَحَدٌ} في قوله: {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ} مستثنى منه مؤخر، والمعنى على هذا: وقالت طائفة من أهل الكتاب لا تؤمنوا ولا تصدقوا أن يؤتى أحد من الناس مثل ما أوتيتم من النبوة والكتاب، أو يغالبكم عند ربكم يوم القيامة إلا من تبع دينكم؛ أي: إلا إن كان ذلك الأحد من أهل دينكم .. قل لهم يا محمَّد: إن الهدى بيد الله، يؤتيه من يشاء، وليس مخصوصًا بكم؛ أي: ليس الهدى مقصورًا على شعب معين، أو واحد بذاته، بل الله سبحانه يهدي من يشاء من عباده على لسان من يريد من أنبيائه، ومن يهد الله فلا مضل له، فكيدهم لا يضير من أراد الله به الخير، بل يحبط تدبيرهم له.
وقيل: في الكلام تقدير مضاف منصوب على كونه مفعولًا لأجله، والمعنى: قالت طائفة من أهل الكتاب بعضهم لبعض: لا تصدقوا كل من يدعي النبوة حتى تنظروا في أمره، فإن كان متبعًا لدينكم .. فصدقوه، وإلا فكذبوه، ولا تقروا ولا تعترفوا لأحد بالنبوة إلا إذا كان على دينكم؛ خشية أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، وخشية أن يحاجوكم به عند ربكم، فإذا أقررتم بنبوة محمَّد، ولم تدخلوا في دينه .. تكون له الحجة عليكم يوم القيامة، وغرضهم نفي النبوة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وعبارة "الخازن": قوله عز وجل: {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} هو كلام متصل بالأول، وهو من قول اليهود، يقول بعضهم لبعض: ولا تؤمنوا؛ أي: ولا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم؛ أي: وأفتى ملتكم التي أنتم عليها، وهي: اليهودية، واللام في {لِمَن}: زائدة، كقوله تعالى: {ردف لكم}؛ أي ردفكم. {قُلْ إِنَّ