واعلم: أنه لا خلاف بين الأمّة: أنه ليس في القرآن كلام مركّب على أساليب غير العرب، وأنّ فيه أسماء أعلاما لمن لسانه غير لسان العرب، كإسرائيل، وجبرائيل، وعمران، ونوح، ولوط، واختلفوا: هل وقع فيه ألفاظ غير أعلام مفردة من غير كلام العرب؟ فذهب القاضي أبو بكر بن الطيّب، والطبريّ، وغيرهما: إلى أنّ ذلك لا يوجد فيه، وأنّ القرآن عربيّ صريح، وما وجد فيه من الألفاظ التي تنسب إلى سائر اللغات؛ إنّما اتّفق فيها أن تواردت اللغات عليها، فتكلّمت بها العرب، والفرس، والحبشة، وغيرهم، وذهب بعضهم: إلى وجودها فيه، وأن تلك الألفاظ لقلّتها، لا تخرج القرآن عن كونه عربيا مبينا، ولا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عن كونه متكلّما بلسان قومه. فالمشكاة: الكوّة، ونشأ: قام من الليل ومنه {إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ} و {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} أي: ضعفين، و {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)} أي: الأسد كله بلسان الحبشة، والغسّاق: البارد المنتن بلسان الترك، والقسطاس: الميزان بلغة الروم، والسجّيل: الحجارة، والطين بلسان الفرس، والطّود: الجبل، واليمّ: البحر بالسريانية والتنور: وجه الأرض بالعجميّة.