فينزح ماءها، فإنه ينتهي إلى صخرة رآها، فليقلعها، فإن تحتها كوبة؛ أي: كوزًا سقط عنقها، وفي الكوبة وتر فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر، فيحرقها بالنار فيبرأ إن شاء الله تعالى، فاستيقظ - صلى الله عليه وسلم - وقد فهم ما قالا: فبعث عليًا - رضي الله تعالى عنه - إلى آخر ما تقدم.
3 - 5 {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)} بالوقف، ثم يكبر؛ لأن الوصل لا يخلو من الإيهام؛ أي: وقيل يا محمد أعوذ برب الفلق من شر كل حاسد إذا أظهر ما في نفسه من الحسد، وعمل بمقتضاه ترتيب مقدمات الشر ومبادي الإضرار بالمحسود قولًا أو فعلًا، والتقييد (?) بذلك لما أن ضرر الحسد قبله إنما يحيق ويضر بالحاسد لاغتمامه بنعمة المحسود، قال عمر بن عبد العزيز: لم أر ظالما أشبه بالمظلوم من حاسد، ونظم الشاعر هذا المعنى، فقال:
قُلْ لِلْحَسُوْدِ إِذَا تَنَفَّسَ طَعْنَةً ... يَا ظَالِمًا وَكَأنَّهُ مَظْلُوْمُ
وفي هذا المعنى قال بعضهم أيضًا:
أَلَا قُلْ لِمَنْ بَاتَ لِيْ حَاسِدًا ... أَتَدْرِيْ عَلَى مَنْ أَسَاتَ الأَدَبْ
أَسَأتَ عَلَى اللهِ فِيْ فِعْلِهِ ... لأَنَّكَ لَمْ تَرْضَ لِيْ مَا وَهَبْ
فَكَانَ جَزَاؤُكَ أَنْ خَصَّنِيْ ... وَسَدَّ عَلَيْكَ طَرِيْقَ الطَّلَبْ
وقال بعضهم:
اصْبِرْ عَلَى حَسَدِ الْحَسُوْدْ ... فَإنَّ صَبْرَكَ قَاتِلُهْ
فَالنَّارُ تَأكُلُ بَعْضَهَا ... إِنْ لَمْ تَجِدْ مَا تَأكُلُهْ
وفي "الكشاف": فإن قلت: فلم عرَّف بعض المستعاذ. منه ونكَّر بعضه؟.
قلت: عرَّف النفاثات؛ لأن كل نفاثة شريرة، ونكَّر غاسق؛ لأن كل غاسق لا يكون فيه الشر إنما يكون في بعض دون بعض، وكذلك كل حاسد لا يضر، ورب حسد محمود وهو الحسد في الخيرات بمعنى الغبطة، والحسد الأسف على الخير عند الغير، وفي "فتح الرحمن": تمني زوال النعمة عن مستحقها سواء كانت نعمة