[3]

وحافظ عليه، وقيل: جعله عدة لحوادث الدهر، وقرأ الحسن والكلبي ونصر بن عاصم وأبو العالية بالتخفيف؛ أي: جمع المال وضبط عدده، وقيل: جمع عددًا من عشيرته وأقاربه، وفي "الشوكاني" والتشديد في الكلمتين يدل على التكثير، وهو جمع الشيء وتعديده مرة بعد أخرى، قال الفراء: معنى {عدَّده} أحصاه، وقال الزجاج: وعدده لنوائب الدهر، يقال: أعددت الشيء وعددته إذا أمسكته، وقال السدي: أحصى عدده، وقال الضحاك: أعد ماله لمن يرثه، وقيل المعنى: فاخر بكثرته وعدده، والمقصود ذمه على جمع المال وإمساكه وعدم إنفاقه في سبيل الخير، وقيل: المعنى على قراءة التخفيف في عدده أنه جمع عشيرته وأقاربه، قال المهدوي: من خفف {وعدده} فهو جعله معطوفًا على المال؛ أي: وجمع عدده.

وخلاصة معنى النيابة: أي (?) إن الذي دعاه إلى الحط من أقدار الناس والزراية بهم هو جمعه للمال، وتعديده مرة بعد أخرى شغفًا به وتلذذًا بإحصائه؛ لأنه يرى أن لا عزة إلا به ولا شرف بغيره، فهو كلما نظر إلى كثرة ما عنده ظن أنه بذلك قد ارتفعت مكانته، وهزأ بكل ذي فضل ومزية دونه، ثم هو لا يخشى أن تصيبه قارعة بهمزه ولمزه وتمزيقه أعراض الناس؛ لأن غروره أنساه الموت، وأعمى بصيرته عن النظر في مآله والتأمل في أحواله،

3 - ثم بين خطأه في ظنه، فقال: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)}.

ويجوز (?) {أن} تكون هذه الجملة مستأنفة استئنافًا بيانًا واقعًا في جواب سؤال مقدر كأنه قيل: ما باله يجمع المال ويهتم به، ويجوز أن تكون حالًا من فاعل جمع، و {أَخْلَدَهُ} ماض معناه المضارع؛ أي: يخلده اهـ "سمين".

أي: يظن لجهله أن ماله الذي جمعه وعدده يخلده؛ أي: يوصله إلى رتبة الخلود والدوام في الدنيا، فيصير خالدًا فيها، فلا يموت أو يعمل من تشييد البنيان وإيثاقه بالصخر والآجر وغرس الأشجار وجري الأنهار عمل من يظن أنه لا يموت، بل ماله يبقيه حيًا ويزيد في عمره، وإظهار (?) المال في موضع الإضمار؛ لزيادة التقريع والتوبيخ، فالحسبان ليس بتحقيقي، بل هو محمول على التمثيل، أو هو تعريض بالعمل الصالح، وأنه هو الذي أخلد صاحبه في النعيم، فأما المال فما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015