سورة العصر مكية عند الجمهور نزلت بعد سورة الشرح، وقال قتادة: هي مدنية، وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة العصر بمكة، وهي ثلاث آيات، وأربع عشرة كلمة، وثمانية وستون حرفًا.
المناسبة: ومناسبتها لما قبلها (?): أنه ذكر في السورة السابقة أنهم اشتغلوا بالتفاخر والتكاثر، وبكل ما من شأنه أن يُلهي عن طاعة الله، وذكر هنا أن طبيعة الإنسان داعية إلى البوار، وموقعة له في الدمار، إلا من عصم الله وأزال عنه شرور نفسه، فكان هذا تعليل لما سلف. إلى أنه ذكر في السالفة صفة من أَتبع نفسه وهواه، وجرى مع شيطانه حتى وقع في التهلكة، وهنا ذكر من تجمل بأجمل الطباع، فآمن بالله وعمل الصالحات، وتواصى مع إخوانه على الاستمساك بعرى الحق، والاصطبار على مكارهه.
وقال أبو حيان: مناسبتها لما قبلها: أنه لما قال فيما قبلها: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)} ووقع التهديد بتكرار {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3)} ... بيَّن هنا حال المؤمن والكافر اهـ. وسميت سورة العصر؛ لذكر لفظ العصر فيها.
الناسخ والمنسوخ: وقال محمد بن حزم - رحمه الله تعالى -: سورة العصر (?) كلها محكم، وفيها خلاف، فقيل المنسوخ فيها آية واحدة، وهي قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} نُسخت بالاستثناء المذكور بعدها، وهو قوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} اهـ.
فضلها: ومما ورد في فضلها: ما أخرجه (?) الطبراني في "الأوسط" والبيهقي في "الشعب" عن أبي مزينة الدارمي، وكانت له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر،