ابن عباس وعروة بن الزبير وابنه هشام وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة: بتخفيفها من قولهم: ودعه إذا تركه، واستغنت العرب في فصيح كلامها بترك عن ودع ووذر، وعن اسم فاعلهما بتارك، وعن اسم مفعولهما بمتروك، وعن مصدرهما بالترك، وقد سُمع وَدْع ووَذْر.
قال أبو الأسود:
لَيْتَ شِعْرِيْ عَنْ خَلِيْلِي مَا الَّذِيْ ... غَالَهُ فِىْ الْحُبِّ حَتَّى وَدَعَهْ
{وَمَا قَلَى}؛ أي: وما أبغضك (?)، والقِلى شدة البغض، يقال: قلا زيدًا يقلوه أبغضه من القلو؛ وهو الرمي، كما يقال: قلت الناقة براكبها رمت به، فكان المقلو هو الذي يقذفه القلب من بغضه، فلا يقبله، ولعل عطف {وَمَا قَلَى} على ما قبله من عطف السبب على المسبب؛ لإفادة التعليل.
والحاصل: أن (?) الله سبحانه أقسم لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بآيتين عظيمتين من آياته في الكون ضحى النهار وصدره، والليل وظلامه أنه ما تركك وما أبغضك كما يقال لك وكما تتوهم في نفسك،
4 - ثم ذكر له ما يثلج صدره وما فيه الطمأنينة والبشرى، فقال: {وَلَلْآخِرَةُ}؛ لما (?) أنها باقية صافية عن الشوائب على الإطلاق {خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى}؛ أي: من الدنيا؛ لما أنها فانية مشوبة بالمضار، وسميت بالأولى؛ لأنها خلقت قبل الآخرة على ما قيل، فالمراد بالآخرة والأولى كرامتهما، و {اللام} في قوله: {وَلَلْآخِرَةُ}: لام الابتداء المؤكدة للجملة، لا لام القسم، كما قاله الشوكاني، وفي "التأويلات النجمية": يعني أحوال نهايتك أفضل وأكمل من أفعال بدايتك، كما أخبر بقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...} الآية؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يزال يطير بجناح الشريعة في سماء القرب والكرامة، وهذا حال ورثته.
والمعنى (?): أي وإن أحوالك في مستأنف حياتك خير لك مما مضى منها، وإن كل يوم ستزداد عزًا إلى عز، وسيرتفع شأنك كل يوم عما قبله، وسأمنحك كل آنٍ جلالًا فوق جلالك ورفعة فوق رفعتك، وكأنه يقول له: لا تظنن أني كرهتك أو