[25]

والوسائط، وتضرعوا تارة، واعترفوا بالذنوب عند المخلوق أخرى، وإبليس لم يعترف ولم يتضرع، وهو أول من سن الكفر، فوزر الكفار بعده راجع إليه إلى يوم القيامة، ومظهر الضلالة والغواية بذاته بغير واسطة.

ومعنى الآية (?): أي فجمع فرعون السحرة الذين هم تحت إمرته وسلطانه؛ كما جاء في قوله: {وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37)} فقام فيهم يقول: أنا ربكم الأعلى، فلا سلطان يعلو سلطاني،

25 - ولم يزل في عتوه حتى تبع موسى وقومه إلى البحر الأحمر [بحر القلزم]، عند خروجهم من مصر، فأغرق فيه هو وجنوده، وإلى ذلك أشار سبحانه بقوله: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى بسبب ما ذكر، وعذبه {نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى}؛ أي: عذاب الآخرة، وعذاب الدنيا، والمراد بنكال الآخرة: عذاب النار، وبنكال الأولى: عذاب الدنيا بالغرق، والنكال: اسم مصدر من نكل المضاعف بمعنى التنكيل، كالسلام بمعنى: التسليم، وهو التعذيب الذي ينكل من رآه أو سمعه، وينعه من تعاطي ما يفضي إليه، ومحله (?) النصب على أنه مصدر مؤكد، كوعد الله، كأنه قال: نكل الله به نكال الآخرة والأولى، وهو الإحراق في الآخرة، والإغراق في الدنيا، وأخذ مستعمل في معنى مجازي، يعم الأخذ في الدنيا والآخرة، وإلا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز؛ لأن الاستعمال في الأخذ الدنيوي حقيقة، وفي الآخرة مجاز لتحقق وقوعه، وإضافة النكال إلى الدارين باعتبار وقوع نفس الآخذ فيهما، لا باعتبار أن ما فيه من معنى المنع يكون فيهما، فإن ذلك لا يتصور في الآخرة، بل في الدنيا، فإن العقوبة الأخروية تنكل من سمعها، وتمنعه من تعاطي ما يؤدي إليها لا محالة.

ويجوز (?) أن يكون انتصابُ {نَكَالَ} على أنه مفعول له؛ أي: أخذه لأجل نكال، ويجوز أن يكون انتصابه بنزع الخافض؛ أي: بنكال، ورجح الزجاج: أنه مصدر مؤكد، قال: لأن معنى أخذه الله: نكل الله به، فأخرج من معناه، لا من لفظه، وقال الفراء: أخذه الله أخذًا نكالًا؛ أي: للنكال، والنكال: اسم لما جعل نكالًا للغير؛ أي: عقوبةً له، يقال: نكل فلان بفلان إذا عاقبه، وقيل: المعنى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015