طريق إسناد الفعل إلى سببه، فإن حدوث تلك النفخة سبب لاضطراب الأجرام الساكنة من الرجفان، وهي شدة الاضطراب، ومنه: الرجفة للزلزلة، لما فيه من شدة الاضطراب وكثرة الانقلاب، وفيه إشعار بأن تغير السفلي مقدم على تغير العلوي، وإن لم يكن مقطوعًا.
7 - وجملة قوله: {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)} حال مقدرة من {الرَّاجِفَةُ} مصححة لوقوع اليوم ظرفًا للبعث، والمراد بـ {الرَّادِفَةُ}: النفخة الثانية لإحياء الأموات التي تردف الأولى؛ أي: تجيء بعدها؛ لأن النفخة الثانية تجيء بعد الأولى. يقال: ردفه - كسمعه ونصره - تبعه، كأردفه، وأردفته معه: أي: أركبته معه كما في "القاموس".
والمعنى (?): أي لتبعثن يوم النفخة الأولى حال كون النفخة الثانية تابعةً لها، لا قبل ذلك، فإن اليوم عبارة عن الزمان الممتد الذي تقع فيه النفختان، وبينهما أربعون سنة، كما قال في "الكشاف": لتبعثن في الوقت الواسع الذي تقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى. أنتهى.
قال في "الإرشاد" (?): واعتبار امتداده مع أن البعث لا يكون إلا عند النفخة الثانية لتهويل اليوم ببيان كونه موقعًا لداهيتين عظيمتين، لا يرقى عند وقوع الأولى حيٌّ إلا مات، ولا عند وقوع الثانية ميتٌ إلا بعث وقام.
والمعنى: أي لتبعثن يوم تتحرك الأرض وتضطرب الجبال، ويسمع لها صوت عظيم، ويموت كل شيء عليها بأمر الله تبارك وتعالى، وسميت {راجفة} من الرجف: وهو الاضطراب الشديد؛ لأن بها يضطرب الأمر، ويختل النظام، وينتهي العالم إلى نهايته. التي حددها له خالقه عزّ وجل، و {الرَّاجِفَةُ}: صيحة عظيمة فيها تردد واضطراب، كالرعد إذا تمخض، وتكون النفخة الأولى من صور إسرافيل {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ}؛ لهول تلك النفخة الكبرى ثم تتبعها {الرَّادِفَةُ}؛ أي: النفخة الثانية التي تعقب النفخة الأولى، وهي التي يبعث الله معها الخلق، كما قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى