[40]

من تحقق اليوم المذكور، ووقوعه بلا محالة، وأردتم بيان الأصلح لكم .. فأقول لكم: من شاء أن يتخذ مرجحًا إلى ثواب ربه الذي ذكر شأنه العظيم .. فعل ذلك بالإيمان والطاعة.

وفي "التأويلات النجمية": {مَآبًا}؛ أي: مرجعًا؛ أي: رجوعًا من الدنيا إلى الآخرة، ومن الآخرة إلى رب الدنيا والآخرة لأنهما حرامان غير مقصودين عند أهل الله، بل غاية مقصودهم رضا ربهم، لا نعيمها.

ومعنى الآية (?): أي ذلك اليوم متحقق لا ربب يه، ولا مفر منه، وأنه يوم تبلى فيه السرائر، وتنكشف فيه الضمائر، أما أيام الدنيا .. فأحوال الخلق فيها مكتوبة، وضمائرهم غير معلومة، فمن شاء اتخاذ مرجع حسن عند ربه .. عمل عملًا صالحًا يقربه من ربه، ويدنيه من كرامته وثوابه، ويباعد بينه وبين عقابه،

40 - ثم زاد في تخويف الكيفار وانذارهم، فقال: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ}؛ أي (?): خوفناكم بما ذكر، في هذه السورة من الآيات الناطقة بالبعث، وبما بعده من الدواهي، أو بها وبسائر القوارع الواردة في القرآن، والخطاب لمشركي العرب وكفار قريش؛ لأنهم كانوا ينكرون البعث، وفي بعض التفاسير؛ الظاهر عموم الخطاب كعموم {من} لأن في إنذار كل طائفة فائدة لهم. {عَذَابًا قَرِيبًا} هو عذاب الآخرة، وقربه لتحقق إتيانه حتمًا، ولأنه قريب بالنسبة إليه تعالى وممكن وان رأوه بعيدًا وغير ممكن، فسيرونه قريبًا، لقوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)}، وقوله: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ} بدل من {عَذَابًا}، أو ظرف لمضمر هو صفة له؛ أي: عذابًا كائنًا يوم ينظر المرء؛ أي: يشاهد {مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} من خير أو شر، وهو تثنية يد، أصله: يدان، سقطت نونها بالإضافة، و {مَا}؛ إما موصولة منصوبة بـ {يَنُظرُ}؛ لأنه يتعدى بنفسه وبإلى، والعائد محذوف؛ أي: ما قدمته، أو استفهامية منصوبة بـ {قَدَّمَتْ} معلقة بـ {يَنُظرُ}؛ أي: يوم ينظر المرء أيَّ شيء قدمت يداه، فالمرء عام للمؤمن والكافر؛ لأن كل أحد يرى عمله في ذلك اليوم مثبتًا في صحيفة عمله، خيرًا كان أو شرًا، فيرجو المؤمن ثواب الله على صالح عمله، ويخاف الكافر عقاب الله على سيء عمله، وأما الكافر .. فكما قال تعالى: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي} وقيل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015